العرب اللندنية: السعودية تبني جسور الثقة مع حلفائها في اليمن
قررت المملكة العربية السعودية الأربعاء إيداع ملياري دولار في المصرف المركزي اليمني، غداة مطالبة أحمد بن دغر رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها بمساعدات مالية عاجلة، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تكشف عن رهان المملكة على إخراج اليمن من أزمته الاقتصادية بالتوازي مع جهود التحالف العربي الذي تقوده لاستعادة الشرعية.
ومن الواضح أن الاستراتيجية السعودية في اليمن لا تعتمد فقط على الخيار العسكري، وأنها تبني جسرا من الثقة مع حلفائها اليمنيين قاطعة مع الانكماش والتردد اللذين علقا بها من تجارب سابقة.
وقال بيان رسمي سعودي إن وديعة الملياري دولار الجديدة ستضاف إلى وديعة سابقة بقيمة مليار دولار، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تأتي بهدف “تعزيز الوضع المالي والاقتصادي (…) لا سيما سعر صرف الريال اليمني”.
واعتبر متابعون للشأن اليمني أن الخطوة السعودية تحمل تأكيدا جديدا من المملكة على أنها ساعية لإنقاذ اليمن من الأزمة متعددة الأوجه التي فرضها الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران، لافتين إلى أنها تؤمن بأن الخيار العسكري وحده لا يكفي وأن إنقاذ اليمن يمر عبر دعم الحكومة الانتقالية على أداء دورها سواء عبر تقديم الخدمات أو صرف الرواتب وحسن إدارة الملف الاقتصادي.
وأشار المتابعون إلى أن ضخ ملياري دولار يمكن أن يساعد ليس فقط على إنقاذ الريال من الانهيار السريع، ولكن أيضا المساعدة على تحسين حياة اليمنيين في العاصمة المؤقتة عدن وبقية المناطق المحررة، بما يزيد من ثقة الشارع اليمني في الدعم السعودي والالتفاف حول الدور الذي يلعبه التحالف العربي عسكريا وإنسانيا في البلاد.
وشددوا على أن السعودية وجهت أكثر من رسالة عبر هذه الخطوة ليس فقط إلى اليمنيين لطمأنتهم على أن دعمها لن يتوقف، ولكن إلى الحوثيين والإيرانيين الذين يراهنون على أن عامل الوقت ربما يضغط على الرياض ويدفعها إلى تقليص مساعداتها والبحث عن مخرج سريع لصراع طال أكثر من اللزوم.
وتبعث السعودية برسالة طمأنة إلى حلفائها اليمنيين بأن لديها رؤية استراتيجية لإدارة الصراع مع إيران، وأنها تخطط بعزم على تنويع مجالات الدعم حتى لا يبدو الحوثيون أكثر حظوة أو أنهم يحصلون على دعم أكبر يمكنهم من الاستمرار في الحرب.
وتقود السعودية منذ مارس 2015 تحالفا عسكريا دعما لسلطة الرئيس المعترف به عبدربه منصور هادي في مواجهة المتمردين الحوثيين الذين تتهمهم الرياض بتلقي الدعم من إيران.
ويسيطر المتمردون منذ سبتمبر 2014 على العاصمة صنعاء، ما دفع بالسلطة المعترف بها إلى اعتماد عدن مقرا مؤقتا لها. وقامت بنقل المصرف المركزي إلى المدينة الجنوبية.
وأقرت السلطة المعترف بها دوليا الثلاثاء بأنها تواجه صعوبات مالية كبيرة، محذرة من أن الريال اليمني على وشك الانهيار.
ونشر رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر رسالة على صفحته في موقع فيسبوك موجهة إلى “الحلفاء” قال فيها إنه يتوجب على هؤلاء العمل على “إنقاذ الريال اليمني من الانهيار التام”، معتبرا أن “إنقاذ الريال يعني إنقاذ اليمنيين من جوع محتم”.
وذكر أن قيمة الريال تدنت بشكل كبير وأصبح الدولار الواحد يساوي 500 ريال.
ودعا الدول الحليفة إلى إيداع أموال في المصرف المركزي في عدن، وإرسال مشتقات الوقود.
من جهته، أجرى هادي اتصالا هاتفيا بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” المتحدثة باسم الحكومة المعترف بها.
وقالت الوكالة إن هادي عرض أمام الأمير محمد بن سلمان الذي يتولى أيضا منصب وزير الدفاع في المملكة “التحديات الاقتصادية الراهنة التي يواجها اليمن”.
وضاعفت المملكة السعودية من مساعداتها لليمن في كل المجالات بهدف تجاوز أزمته من خلال دعمه ماليا وعسكريا وإنسانيا.
وبينما يقترب التدخل السعودي من دخول عامه الرابع قبل نحو شهرين، لا يزال سعي المملكة للقضاء على التمرد الحوثي عند أبوابها الجنوبية يواجه صعوبات عسكرية بسبب التدخل الإيراني في تسليح وتمويل “أنصارالله”.
وأعلن التحالف العسكري في اليمن بقيادة السعودية اعتراض صاروخ باليستي أطلقه المتمردون الحوثيون باتجاه المملكة، معتبرا أن هذا الهجوم الصاروخي يثبت مرة جديدة “تورط” إيران في دعم التمرد.
وقال المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف العقيد الركن تركي المالكي في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية مساء الثلاثاء إن الصاروخ أطلق باتجاه مدينة جازان الجنوبية وقد تم “اعتراضه وتدميره”.
ورأى أن الهجوم “يثبت استمرار تورط دعم النظام الإيراني للجماعة الحوثية المسلحة بقدرات نوعية”، داعيا المجتمع الدولي إلى اتخاذ “خطوات أكثر جدية وفعالية لوقف الانتهاكات الإيرانية السافرة باستمرار تهريب ونقل الصواريخ الباليستية”.
ومنذ التدخل السعودي أطلق المتمردون الحوثيون العشرات من الصواريخ الباليستية باتجاه السعودية، بينها صاروخان جرى اعتراضهما فوق الرياض.
وتقول الرياض إن طهران تمد المتمردين الشيعة بالأسلحة والمعدات العسكرية اللازمة لتصنيع هذه الصواريخ، رغم النفي الإيراني المستمر.