تشييع جثث كورونا.. صنعاء تُذبَح في صمت
تواصل جائحة كورونا حضورها الطاغي في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية، وهو ما توثّقه مشاهد الجثث في محافظة صنعاء.
وفي عددها الصادر اليوم الجمعة، أبرزت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية حالة الرعب والفزع التي يعيشها سكان صنعاء الذين يشيعون يوميا العشرات من ضحايا فيروس كورونا في صمت وتكتم، وبخاصةً بعد أن أغلقت مليشيا الحوثي، المدعومة من إيران، ثلاثًا من حواري صنعاء واعتبرتها موبوءة بـ"كوفيد – 19".
وكشفت الصحيفة عن وصول الفيروس إلى صنعاء نهاية شهر مارس الماضي بواسطة عشرة من عناصر المليشيات قدموا من إيران، مشيرةً إلى أن قيادة المليشيات اكتشفت الإصابات، وتكتمت عليها، وتركت هؤلاء العائدين يتحركون من دون قيود.
ونقلت الصحيفة عن عدد من السكان تأكيدهم أنّ الوضع مخيف، وأنّ الجنازات لا تتوقف، وأغلبية الناس يشكون المرض وأعراضا تشبه الإصابة بفيروس "كورونا".
وأشارت إلى أن سيارات تحمل مكبرات صوت تطوف الشوارع رفقة مسلحين في مليشيا الحوثي تحذر الناس، وتحضهم على البقاء في المنازل لأن "كورونا" منتشر.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ مليشيا الحوثي أغلقت الحواري في منطقة 45 القريبة من المجمع الرئاسي، وألزمت سكانها بالبقاء في منازلهم، بعد أن تحولت إلى بؤر لانتشار الفيروس.
وأوضحت أنّ المليشيات نشرت مسلحيها في شوارع مدينة دمت التابعة لمحافظة الضالع، وفرضت حظرا شاملا على الحركة بعد وفاة طبيبين يعملان في مستشفى المدينة.
ويبدو أنّ قنبلة كورونا المدوية أوشكت على الانفجار الشامل في اليمن، في ظل تدهور الوضع الراهن مع تفشي الجائحة على صعيد واسع، في وقتٍ تتعامل فيه المليشيات الحوثية مع الأزمة بكثيرٍ من الخبث عبر إخفاء المعلومات الحقيقية عن انتشار الفيروس.
وفي وقتٍ سابق، عبّر رؤساء اللجان الدائمة المشتركة بين الوكالات التابعة للأمم المتحدة العاملة في اليمن، مساء اليوم الخميس، عن قلقهم من تدهور الوضع في اليمن.
وشدّد الرؤساء في بيان مشترك، على أن الأرقام الرسمية لحالات الإصابة بفيروس كورونا، أقل من المعلنة، مؤكدين أن إمدادات اليمن من أدوات الاختبار قليلة للغاية.
وأشار البيان إلى أن هناك نقصًا حادا في إمدادات الصرف الصحي والمياه النظيفة، موضحا أن المراكز الصحية العاملة تفتقر إلى العديد من المعدات الأساسية مثل الأقنعة والقفازات فضلا عن الأوكسجين.
وتتجّه أزمة جائحة كورونا في المناطق الخاضعة لهيمنة الحوثيين إلى الخروج عن السيطرة، بعدما سجّلت المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات تفشيًّا مرعبًا للفيروس، في وقتٍ تنظر فيه المليشيات لمن يصاب بالمرض بأنّه "متهم".
وأصبحت جائحة كورونا عنوانًا لأزمة مستعرة داخل صفوف الحوثيين، ففي الوقت الذي اخترق فيه الفيروس الصف الأول للمليشيات، فقد كانت هذه الأزمة سببًا في تصاعد الخلافات بين القيادات.
بداية هذا المشهد العبثي كانت مع التعامل الحوثي الخبيث مع الجائحة، حيث مالت المليشيات منذ اليوم الأول لوصول كورونا إلى مناطق سيطرتها إلى إخفاء الحقيقة والتكتم على أعداد المصابين، حتى انتشر الفيروس بين قادة الصف الأول.
الحديث هنا عن معلومات متداولة بقوة، مفادها إصابة وزير الصحة في حكومة المليشيات "غير المعترف بها" طه المتوكل بفيروس كورونا، في وقتٍ دعا فيه قادة بارزون في المليشيات لإقالته بسبب التكتُّم على أعداد الإصابات الحقيقية لا سيّما في محافظة صنعاء.
وسجّل فيروس كورونا حضورًا ملحوظًا بين قادة الصف الأول للمليشيات الحوثية، فإلى جانب المتوكل تمّ الحديث عن إصابة عضو مجلس حكم المليشيات سلطان السامعي، وأنّه عُزِل مع المتوكل في مستشفى خاص بصنعاء.
ونهاية الأسبوع الماضي، تمّ الكشف عن وفاة قيادي حوثي كبير ومسؤول في حكومة المليشيات غير المعترف بها بفيروس كورونا.
وقال مصدر مطلع لـ"المشهد العربي"، إن القيادي الحوثي أحمد دغار، نائب وزير التخطيط في حكومة المليشيات الإرهابية، توفي بفيروس كورونا، وأضاف المصدر أنّ عددًا من القيادات الحوثية تخضع للحجر الصحي نتيجة مخالطة بعض القيادات التي ثبت إصابتها بالفيروس.
قبل ذلك أيضًا، تمّ الكشف عن وفاة القيادي أحمد المؤيد بعد إصابته بالفيروس المستجد، حيث قال مصدر طبي لـ"المشهد العربي" إنّ المؤيد وهو عضو مجلس الشورى التابع للمليشيات وصاحب مستشفى المؤيد توفي جراء إصابته بفيروس "كوفيد 19" بعد أيام من دخوله العناية المركزة.
وأضاف المصدر أنّ المؤيد كان قد خالط عددًا من القيادات الحوثية، موضحا أن القيادات الحوثية الكبيرة وفي إطار إجراءاتها الأمنية المشددة خشية الاغتيال والاستهداف، لا تتردد إلا على مستشفى المؤيد الذي تم تجهيزه بغرف عناية مركزة فائقة.
وأشار إلى أن عددا من القيادات الحوثية ترددت على المستشفى، وخالطت المتوفى، وأن المليشيات طلبت من عدد من القيادات البقاء في الحجر المنزلي.
كما توفي أيضًا مالك مستشفى خاص في صنعاء من أتباع مليشيا الحوثي، وهو الدكتور أحمد الوجيه مالك "مستشفى آزال"، أحد أكبر المستشفيات الخاصة في صنعاء، بعد أسبوعين من إصابته، وبعد أقل من أسبوعين على وفاة المؤيد.