البنية المنهارة.. كيف فخّخت الحرب الحوثية حياة السكان اليومية؟
على مدار أكثر من ست سنوات، أحدثت الحرب العبثية التي أشعلتها المليشيات الحوثية أزمة إنسانية شديدة البشاعة، ملّ العالم من عديد التقارير التي توثِّق فداحتها.
تقرير دولي حديث وثّق جانبًا من المآسي التي يعشيها اليمن على إثر الحرب الحوثية، حيث قال
البنك الدولي إنّ الحرب كبدت البنية الأساسية خسائر فادحة، فقد تعرض ثلث المنشآت الخاصة بخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة والنقل للدمار بسبب الصراع.
وأضاف أنّ الخدمات الحضرية، مثل تنظيف الشوارع وجمع القمامة، عانت كثيرا بسبب نقص توقف الخدمات الاجتماعية الأساسية، أنّ نصف المستشفيات والعيادات الطبية تعرضت لدمار جزئي أو كلي، وتعاني تلك التي بقيت تعمل من انقطاع الكهرباء ونقص الأدوية والمستلزمات الأساسية الأخرى.
ولفت التقرير إلى أن اليمن يواجه تفشيا فتاكا لفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وأمراض أخرى مثل الكوليرا وحمى الضنك والملاريا.
وكان تفشي الكوليرا العام الماضي واحدا من أسوأ نوبات المرض، وتزداد هذه الأمراض فتكا مع ضعف قدرة المدن على مواجهتها.
وتصف لجنة الإنقاذ الدولية، وهي منظمة غير حكومية مقرها الولايات المتحدة، احتمال تفشي فيروس كورونا في بلدان مثل اليمن بأنه "السيناريو الكابوس".
وكانت الأمم المتحدة قد أشارت في تقرير سابق إلى أن ميليشيا الحوثي استخدمت المستشفيات والمرافق الصحية لأغراض عسكرية، معظمها في محافظات تعز والجوف والحديدة، إضافة إلى شن هجمات على المستشفيات، مما أدى إلى تدمير جزئي أو كلي لها.
كما تسبَّتت الحرب الحوثية في تردٍ اقتصادي كبير، فضلًا عن تزايد نسبة الفقر، وقد أكّد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أنّ الحرب العبثية حرمت اليمن من تضاعف الناتج المحلي لليمن ثلاث مرات من 2014 إلى 2030.
وأوضح البرنامج في تغريدة على حسابهبموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أنّه كان من المتوقع تضاعف دخل الفرد من ثلاثة آلاف و770 دولارا إلى خمسة آلاف و900 دولار.
وبسبب الجرائم العديدة التي ارتكبتها على مدار سنوات الحرب القائمة منذ 2014، أحدثت المليشيات الحوثية تفشيًّا مرعبًا في الفقر باليمن، توثّقه التقارير والبيانات الأممية.
وقبل أيام، قال البنك الدولي إنّ الحرب الحوثية دفعت ثلاثة أرباع السكان إلى تحت خط الفقر، وأصبحت الحرب الاقتصادية التي تتبناها منذ سنوات المحرك الرئيسي للاحتياجات الإنسانية.
وقدر البنك الدولي أن ما بين 71-78٪ من السكان - بحد أدنى 21 مليون شخص- قد سقطوا تحت خط الفقر في نهاية عام 2019.
وبحسب التقرير، فإنّ الحرب الحوثية تسبّبت في توقف الأنشطة الاقتصادية على نطاق واسع، ما تسبب بنقصان حاد في فرص العمل والدخل لدى السكان في القطاعين الخاص والعام.
وتشير التقديرات إلى أن ثمانية ملايين شخص فقدوا مصادر رزقهم أو يعيشون في مناطق حيث يتوفر الحد الأدنى من الخدمات إن لم تكن معدومة، وتشهد معدلات البطالة ارتفاعاً بصورة مستمرة.
كما تسببت الحرب الاقتصادية الحوثية في ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، والخدمات الاجتماعية، مما أدى إلى زيادة حالات الفقر وخطر الموت جوعاً على ملايين السكان.
وأدّت الحرب الحوثية إلى إضعاف قيمة الريال، الأمر الذي ترتّب عليه ارتفاع الأسعار ما أثر بشكل مباشر وسلبي على كل من حول خط الفقر وتحته، كما أدّت الحرب إلى انهيار الاقتصاد والخدمات الاجتماعية، وأصبح الملايين من السكان يعانون من الجوع والمرض وأكثر عرضة للخطر، ولا تزال الأزمة الإنسانية في اليمن هي الأسوأ في العالم.
كما أنّ 80% من السكان "24.1 مليون شخص" يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، وقد شردت المليشيات الحوثية 4.3 مليون شخص على مر السنوات الماضية.
ويعيش السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين مآسي إنسانية شديدة البشاعة، وثّقتها التقارير الدولية بفعل تفشي حالة الفقر وتزايد أعداد المتسولين بشكل حاد.
ولوحظ في الفترة الماضية، انتشار مكثف للمتسولين في معظم أنحاء محافظة صنعاء، وهو ينتشرون في معظم الأحياء، يجوبون الشوارع وتقاطعات الطرق والأسواق، يفترشون الأرصفة وأبواب المساجد والمحال التجارية والمنازل، أملًا في الحصول على مساعدات مالية أو عينية.
وما تشهده صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة الحوثيين من زيادة المتسولين أصبح أمرًا غير مسبوق، حتى أصبح التسول من أكثر الظواهر الاجتماعية انتشارًا، بسبب تفشي الجوع وفقد الوظيفة وموت العائل.
ولا تقتصر ظاهرة التسول على شريحة كبار السن الذين يمكن أن يتعاطف الناس معهم، فالأطفال والنساء انضموا أيضًا إلى طابور كبير من المتسولين الذين تمتلئ بهم شوارع المدن.
وكشفت دراسة كانت قد أجريت في 2013، شملت ثماني محافظات، العدد الكلي للمتسولين في صنعاء بنحو 30 ألف طفل وطفلة جميعهم دون سن الـ18، إلا أنّ دراسات أخرى صدرت في 2017 بيّنت أنَّ عدد المتسولين ارتفع بشكل مخيف ليصل إلى أكثر من 1,5 مليون متسول ومتسولة.
وتشهد المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين تفشيًّا مخيفًا لكارثة المجاعة منذ خمس سنوات على الأقل، مع تزايد أعداد الأسر الفقيرة وفقدان آلاف الأسر لمصادر عيشها.
وهناك ملايين السكان الذين هو بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة، في وقت ظهرت فيه مؤشرات المجاعة في أكثر من محافظة، جرّاء الحرب التي شنتها مليشيا الحوثي منذ صيف 2014.
وفي وقتٍ سابق، أعلن البنك الدولي أنّ الحرب الحوثية تسبّبت في وقوع أكثر من 21 مليون نسمة من أصل 26 تحت خط الفقر، أي 80% من تعداد سكان البلد المضطرب، في حين قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنّ قرابة 24 مليون شخص بحاجة للمساعدات الإنسانية.
كما كشف تقرير حديث لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "OCHA" أنّ ما يقرب من 50% من الأسر في اليمن بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية.