كورونا في مناطق الحوثي.. جائحة تتغوّل وسكانٌ يدفعون ضريبة الإهمال
في الوقت الذي أظهرت فيه المليشيات الحوثية ما يمكن اعتباره فشلًا ذريعًا في مواجهة تفشي فيروس كورونا، تتوالى التحذيرات على المستويين الإقليمي والدولي من الخطر الرهيب الذي تحمله الجائحة في اليمن.
أحدث التحذيرات الدولية صدرّت عن منظمة أطباء بلا حدود، التي قالت إنّها شهدت مزيجًا غريبًا من الإنكار لتفشي فيروس كورونا والخوف منه بين السكان.
وحذرت المنظمة، في بيان، من أنّ الفيروس ينتشر على نطاق واسع في جميع أنحاء اليمن، وأشارت إلى أنّ الطاقة الاستيعابية لوحدة العناية المركزة في صنعاء تصل إلى 15 سريرًا، مؤكدة أن وحدة العناية المركزة في صنعاء، امتلأت معظم الوقت طوال الأسابيع الأربعة الماضية.
وأضاف البيان أن المنظمة عالجت مئات المرضى الذين يعانون من أعراض تنفسية في كل من مراكز علاج فيروس كورونا، في صنعاء وعدن.
ويواصل فيروس كورونا المستجد تسجيل حضوره الطاغي ليس في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، لكنّه اخترق صفوف المليشيات الموالية لإيران.
وسبق أن سلّطت وكالة "أسوشيتد برس"، الضوء على تفشي فيروس كورونا في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران.
وقالت الوكالة في تقرير، إنّ المليشيات تنقل جثث الضحايا المشتبه في إصابتهم بالفيروس التاجي في صمت، في الليل، ليتم دفنها في عدة مقابر، تحت أضواء الكشافات.
وأشارت إلى أن مراسم الدفن تقتصر على حفنة من الأقارب، بينما التجمعات الكبيرة غير مسموح بها، والهواتف أيضا، موضحةً أنّ المليشيات تحذر حفاري القبور والحراس في المقابر من الحديث عن أسباب الوفاة.
ونبه التقرير إلى أن الحرب أدت إلى شل النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من الفوضى وعدم القدرة على اختبار من يشتبه في إصابتهم بالفيروس، وأضاف أنه يوجد في عموم المحافظات 500 جهاز تنفس صناعي، و700 سرير وحدة عناية مركزة، وأسطوانة أوكسجين واحدة في الشهر لكل 2.5 مليون شخص.
وحذر من تفاقم الوضع في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية، مؤكدا أن الحوثيين يقمعون أي نشر للمعلومات حول الفيروس الوبائي، بينما فرضوا تدابير وقائية بسيطة.
ونقل التقرير عن ريتشارد برينان، مدير الطوارئ الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية ، قوله إنه يعتقد أن وفيات فيروس كورونا بالمئات، وأن حالات الإصابة بالآلاف.
وفيما تكثر الانتقادات الموجهة للحوثيين بشأن إخفاء المعلومات الحقيقية عن تفشي كورونا، فإنّ المليشيات وضعت مبررًا لهذه السياسة الخبيثة التي تساهم في تفشي الجائحة.
فقبل أيام، اعترفت وزارة الصحة في حكومة الحوثي "غير المعترف بها" بتفشي فيروس كورونا في صنعاء ومختلف مناطق سيطرتها، إلا أنها رفضت الإفصاح عن عدد الإصابات.
وبررت الوزارة الحوثية موقفها بأنّ هذه السياسة في التعامل مع الوباء لا تتناسب مع وضع البلد الذي يعيش ما زعمت أنه "عدوان وحصار"، وأوضحت - في بيان - أن سياسية التهويل الذي اعتمدت عليها كثير من دول العالم، أضعفت الروح المعنوية لدى مواطنيها وخلقت حالة من الهلع والخوف والقلق، كانت أشد فتكا من المرض نفسه .
واتهمت "صحة الحوثيين"، منظمة الصحة العالمية بتزويد المليشيا بمحاليل غير فعالة، وأظهرت إيجابية لعينات غير بشرية وغير متوقعة على حد زعم البيان.
التبرير الحوثي لإخفاء الحقائق عن تفشي كورونا يمكن اعتباره سكبًا للبنزين على النار، ففي الوقت الذي تُشدِّد فيه كافة الأطراف على ضرورة التحلي بالشفافية في التعامل مع الأزمة، إلا أنّ المليشيات ابتكرت إستراتيجية جديدة، يمكن القول إنّها ستحرق الأخضر واليابسة.
ويبدو أنّ قنبلة كورونا المدوية أوشكت على الانفجار الشامل في اليمن، في ظل تدهور الوضع الراهن مع تفشي الجائحة على صعيد واسع، في وقتٍ تتعامل فيه المليشيات الحوثية مع الأزمة بكثيرٍ من الخبث عبر إخفاء المعلومات الحقيقية عن انتشار الفيروس.