كورونا وظلمة الحوثي.. المليشيات تدفن الجثث والحقيقة أيضًا
أضيفت جائحة كورونا إلى قائمة المعاناة التي تطارد السكان الذين يقطنون المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية، وباتت كالوحش الكاسر الذي قد يلتهم الجميع.
الوضع ازداد سوءًا بسبب السياسة التي يتبعها الحوثيون في التعامل مع الجائحة، حيث قررت المليشيات منذ اليوم الأول إتباع سياسة إخفاء المعلومات والحقائق، وهو ما ضاعف هذا الخطر.
وفي توصيف لما يجري على الأرض، كشفت وكالة "أسوشيتد برس"، خفايا تكتم الحوثيين على تفشي جائحة كورونا قائلةً: "في الظلام، يتم نقل جثث الضحايا المشتبه في إصابتهم بالفيروس التاجي في صمت، واحدة تلو الأخرى، ليتم دفنها في عدة مقابر.. تومض الأضواء الكاشفة عندما يشق المعزون طريقهم عبر الظل".
وأضافت: "يتم غسل الجثث بمطهرات، ملفوفة بطبقات من الأغطية البلاستيكية والكتان الأبيض قبل وضعها في حفر بعمق ستة أقدام.. لا يوجد أحد في الجوار باستثناء حفنة من الأقارب في الأقنعة والقفازات والأثواب البيضاء. التجمعات الكبيرة غير مسموح بها. الهواتف غير مسموح بها".
وبحسب الوكالة، يحذر حفارو القبور والحراس في المقابر من الحديث عن أسباب الوفاة، ةعند سؤالهم قيل لهم أن يقولوا إنّ القتلى هم "جثث مجهولة الهوية من الحرب"، بحسب عدد من السكان وحفار القبور، ولم يتم إخبار العائلات حقًا ما إذا كان أقاربهم ماتوا بسبب الفيروس التاجي ، الذي يعتقد أنه الجاني. لا يتم نشر نتائج الاختبار أبدًا، فيما تأتي طقوس الجنازة اليومية في الوقت الذي تغمر فيه وسائل التواصل الاجتماعي التعازي وصور الموتى.
وتوضح الوكالة أنّ جائحة COVID-19 أضيفت إلى الحصيلة المميتة للحرب في اليمن ، مما أدى إلى شل النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من الفوضى والقدرة على اختبار من يشتبه في إصابتهم بالفيروس، حيث لا يوجد أكثر من 500 جهاز تهوية و 700 سرير وحدة العناية المركزة، وهناك أسطوانة أكسجين واحدة في الشهر لكل 2.5 مليون شخص.
ويتحدث التقرير عن السياسة الحوثية الخبيثة بالقول: "تفاقم الوضع في الشمال الذي يسيطر عليه الحوثيون، حيث قام المتمردون بقمع المعلومات حول الفيروس ، ومعاقبتهم بشدة الذين يتحدثون، وفرضوا القليل من تدابير التخفيف، وعززوا مؤامرات وادعاءات وزير الصحة الحوثي بأن علماءهم يعملون على تطوير علاج لـ COVID-19 لتقديمه للعالم".
على الصعيد الرسمي، يقول الحوثيون إنّه تمّ اكتشاف أربع حالات فقط من فيروسات تاجية في المناطق التي يسيطرون عليها، لكنهم قاوموا نشر عدد الحالات الإيجابية والوفيات.
المليشيات الحوثية أقرّت بسياسة الكذب التي تنتهجها، وذلك على لسان المدعو يوسف الحضاري الناطق باسم وزارة الصحة في حكومة الحوثي غير المعترف بها، قائلًا: "نحن لا ننشر الأرقام للمجتمع لأن مثل هذه الدعاية لها تأثير كبير ومرعب على الصحة النفسية للناس".
تصريحات الحضاري تأتي بعد شهرين من رسم وزير الصحة الحوثي طه المتوكل صورة قاتمة عن الاستعداد للتعامل مع الفيروس، قائلاً إنه في مرحلة ما سيتعين على المسؤولين الحوثيين التعامل مع مليون شخص بحاجة إلى دخول المستشفى في فترة شهرين، وقال إنه في مرحلة ما، سيتعين على الأطباء الاختيار بين من ينقذون ومن يتركون يموتون.
ويواصل فيروس كورونا المستجد تسجيل حضوره الطاغي ليس في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، لكنّه اخترق صفوف المليشيات الموالية لإيران.
في الوقت الذي أظهرت فيه المليشيات الحوثية ما يمكن اعتباره فشلًا ذريعًا في مواجهة تفشي فيروس كورونا، تتوالى التحذيرات على المستويين الإقليمي والدولي من الخطر الرهيب الذي تحمله الجائحة في اليمن.
أحدث التحذيرات الدولية صدرّت عن منظمة أطباء بلا حدود، التي قالت إنّها شهدت مزيجًا غريبًا من الإنكار لتفشي فيروس كورونا والخوف منه بين السكان.
وحذرت المنظمة، في بيان، من أنّ الفيروس ينتشر على نطاق واسع في جميع أنحاء اليمن، وأشارت إلى أنّ الطاقة الاستيعابية لوحدة العناية المركزة في صنعاء تصل إلى 15 سريرًا، مؤكدة أن وحدة العناية المركزة في صنعاء، امتلأت معظم الوقت طوال الأسابيع الأربعة الماضية.
وأضاف البيان أن المنظمة عالجت مئات المرضى الذين يعانون من أعراض تنفسية في كل من مراكز علاج فيروس كورونا، في صنعاء وعدن.
ويبدو أنّ قنبلة كورونا المدوية أوشكت على الانفجار الشامل في اليمن، في ظل تدهور الوضع الراهن مع تفشي الجائحة على صعيد واسع، في وقتٍ تتعامل فيه المليشيات الحوثية مع الأزمة بكثيرٍ من الخبث عبر إخفاء المعلومات الحقيقية عن انتشار الفيروس.