صفقة الخيانة الشهيرة

لا أكتب ردا على مقال المدعو ياسين أكتاي، مستشار أردوغان، المنشور في صحيفة “يني شفق” تحت عنوان “ماذا يفعل كل طرف في ليبيا؟”، لكني تفاجأت بحجم المغالطات والأكاذيب التي انتهجها أكتاي، على خطى رئيسه أردوغان، تبريرا لقراراته وتصفيقا لأهدافه ونفاقا ليس له مثيل..!

يتساءل المنافق: ماذا تفعل بعض الدول العربية وكذلك فرنسا وروسيا في ليبيا..! ويمنح في مقاله أردوغان والمرتزقة والميليشيات والإرهابية حق التدخل بحجة الاتفاق مع حكومة الوفاق الموقع بين الأخيرة والعثمانيين في فبراير 2020، ويعتبر ذلك الاتفاق، الذي ترتب عليه صفقة الخيانة الشهيرة، هو شهادة دولية جعلت الأتراك العثمانيين، أصحاب الحق الوحيدين، في التهجم على ليبيا واحتلالها ونهب خيراتها وتهجير أبنائها ومحاربة جيشها الوطني..!!

الاتفاق المزعوم، الذي لم يحصل على مباركة من الشعب الليبي، ولا جيشه الوطني، ولا دول الجوار المتضررة، ولا من أي دولة في العالم، تم طبخه في فبراير 2018، بين السراج وأردوغان، في الغرف المظلمة، كصفقة تحصل فيها حكومة السراج، على الدعم العسكري، وعلى جلب المرتزقة الإرهابيين لتمكين الإخوان من ليبيا، مقابل منح تركيا خطاب ضمان بمليار دولار إلى جانب 500 مليون دولار عن الأضرار التي لحقت بالآلات والمعدات التركية، إضافة إلى ديون ليبية مزعومة غير مسددة لتركيا بقيمة 1.2 مليار دولار وكذلك اختراع بند ما يسمى بقيمة تأخيرات الأعمال التركية المتعاقد عليها في ليبيا، والتي زعموا فيها أن المبلغ هو 16 مليار دولار، إضافة إلى ما بين 400 و500 مليون دولار لمشروعات تركية لم تبدأ حتى الآن، وكل ذلك من قوت الشعب الليبي..!

بالطبع لا يمكننا الجزم الآن بقيمة العمولات الشخصية لكل من أردوغان وأكتاي الذي يمهد ويبرر صفقة الخيانة الشهيرة، ولا قيمة العمولات الشخصية التي سيحصل عليها كل من شارك في الصفقة، ولكن، وبسقوط أردوغان، الذي سيحدث آجلا أم عاجلا، وحين تنكشف الضبابية، وتنقشع آثار التعتيم الإعلامي والمحاسبي والبنكي، سيقرأ العالم أرقاما مخيفة، سُرقت من أموال الشعبي الليبي، مقابل بضعة كراسي سلطة لحكومة الوفاق، ومنح شهادة مضحكة، كشهادات النشاط لرياض الأطفال، يتحدث عنها أكتاي، ويمجد فيها، ويمنح العثمانيين، حق التدخل الحصري في ليبيا بسببها..!

لا يتحدث أكتاي وأردوغان، حين يتحدثون، عن صفقة الخيانة الشهيرة، بل يذهبون للحديث عن "اتفاق ترسيم الحدود البحرية" في محاولة لتشتيت الانتباه وتغطية آثار الجرائم الكبرى التي ارتكبت وترتكب بحق الليبيين، سواء بسرقة قوت الشعب الليبي، أو فتح ومدّ الجسرين البحري والجوي لنقل المرتزقة الإرهابيين من سوريا إلى ليبيا، وكذلك التهجم على الرئيس المفوض خليفة حفتر والجيش الوطني الليبي.

ماذا يتصور العاقل من شخص مثل أردوغان يُلمح أن "سورة الفتح" لم تنزل بفتح مكة بل بفتح إسطنبول؟!؟ وإذا كانت تلك عقلية الرئيس، فكيف يتصور العاقل عقلية مستشاره الذي تأتيه المقالات باللغة العربية جاهزة من الدوحة ويضع اسمه عليها وينشرها دون أن يعلم محتواها؟ أقل ما يُقال عنهما، الرئيس ومستشاره: كمن يحملون أسفارا..!