كورونا والحوثي.. كيف أصبحت الجائحة جزءًا من حياة السكان اليومية؟

الثلاثاء 16 يونيو 2020 16:28:59
 كورونا والحوثي.. كيف أصبحت الجائحة جزءًا من حياة السكان اليومية؟

يبدو أنّ جائحة كورونا أصبحت جزءًا من الحياة اليومية لملايين السكان الذين يقطنون صنعاء، ويدفعون كلفةً باهظةً جرّاء سيطرة المليشيات الحوثية على المحافظة.

وتواصل المليشيات الحوثية المدعومة من إيران، تجاهل إتساع رقعة انتشار فيروس "كورونا" وتصاعد الإصابات ووفاة المئات، فيما تتبع أسلوبًا تمييزيًّا في التعامل مع الوباء لمصلحة عناصرها وقادتها على حساب السكان.

وكشف عاملون في القطاع الصحي بصنعاء أن ممارسات مليشيا الحوثي تجاه كورونا جعلت تفشي الفيروس في المدينة مثل "الماء والهواء".

وأضافت المصادر أنّ أسرًا بكاملها فقدت ما بين ثلاثة أشخاص وشخصين من أفرادها جراء الإصابة بالفيروس، بينما لا يزال قادة المليشيات يتكتمون على الأرقام الحقيقية الخاصة بأعداد الضحايا.

وأوضحت أنّ أحياء المدينة باتت في أغلبها بؤرًا لتفشي الفيروس المستجدّ وسط حالة من انعدام الخدمات الصحية ووسائل الحماية المختلفة التي حولها قادة المليشيا إلى "السوق السوداء".

وتسبّب تفشي كورونا في صنعاء منذ أسابيع في وفاة الآلاف، من بينهم العشرات من الوجهاء السياسيين والقضاة وأساتذة الجامعات، وصولا إلى قيادات موالية للمليشيات الحوثية.

وأضيفت جائحة كورونا إلى قائمة المعاناة التي تطارد السكان الذين يقطنون المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية، وباتت كالوحش الكاسر الذي قد يلتهم الجميع.

ويمكن القول إنّ الوضع ازداد سوءًا بسبب السياسة التي يتبعها الحوثيون في التعامل مع الجائحة، حيث قررت المليشيات منذ اليوم الأول إتباع سياسة إخفاء المعلومات والحقائق، وهو ما ضاعف هذا الخطر.

وفي توصيف لما يجري على الأرض، كشفت وكالة "أسوشيتد برس"، خفايا تكتم الحوثيين على تفشي جائحة كورونا قائلةً: "في الظلام، يتم نقل جثث الضحايا المشتبه في إصابتهم بالفيروس التاجي في صمت، واحدة تلو الأخرى، ليتم دفنها في عدة مقابر.. تومض الأضواء الكاشفة عندما يشق المعزون طريقهم عبر الظل".

وأضافت: "يتم غسل الجثث بمطهرات، ملفوفة بطبقات من الأغطية البلاستيكية والكتان الأبيض قبل وضعها في حفر بعمق ستة أقدام.. لا يوجد أحد في الجوار باستثناء حفنة من الأقارب في الأقنعة والقفازات والأثواب البيضاء. التجمعات الكبيرة غير مسموح بها. الهواتف غير مسموح بها".

وبحسب الوكالة، يحذر حفارو القبور والحراس في المقابر من الحديث عن أسباب الوفاة، ةعند سؤالهم قيل لهم أن يقولوا إنّ القتلى هم "جثث مجهولة الهوية من الحرب"، بحسب عدد من السكان وحفار القبور، ولم يتم إخبار العائلات حقًا ما إذا كان أقاربهم ماتوا بسبب الفيروس التاجي ، الذي يعتقد أنه الجاني. لا يتم نشر نتائج الاختبار أبدًا، فيما تأتي طقوس الجنازة اليومية في الوقت الذي تغمر فيه وسائل التواصل الاجتماعي التعازي وصور الموتى.

وتوضح الوكالة أنّ جائحة COVID-19 أضيفت إلى الحصيلة المميتة للحرب في اليمن ، مما أدى إلى شل النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من الفوضى والقدرة على اختبار من يشتبه في إصابتهم بالفيروس، حيث لا يوجد أكثر من 500 جهاز تهوية و 700 سرير وحدة العناية المركزة، وهناك أسطوانة أكسجين واحدة في الشهر لكل 2.5 مليون شخص.

ويتحدث التقرير عن السياسة الحوثية الخبيثة بالقول: "تفاقم الوضع في الشمال الذي يسيطر عليه الحوثيون، حيث قام المتمردون بقمع المعلومات حول الفيروس ، ومعاقبتهم بشدة الذين يتحدثون، وفرضوا القليل من تدابير التخفيف، وعززوا مؤامرات وادعاءات وزير الصحة الحوثي بأن علماءهم يعملون على تطوير علاج لـ COVID-19 لتقديمه للعالم".

على الصعيد الرسمي، يقول الحوثيون إنّه تمّ اكتشاف أربع حالات فقط من فيروسات تاجية في المناطق التي يسيطرون عليها، لكنهم قاوموا نشر عدد الحالات الإيجابية والوفيات.

المليشيات الحوثية أقرّت بسياسة الكذب التي تنتهجها، وذلك على لسان المدعو يوسف الحضاري الناطق باسم وزارة الصحة في حكومة الحوثي غير المعترف بها، قائلًا: "نحن لا ننشر الأرقام للمجتمع لأن مثل هذه الدعاية لها تأثير كبير ومرعب على الصحة النفسية للناس".

تصريحات الحضاري تأتي بعد شهرين من رسم وزير الصحة الحوثي طه المتوكل صورة قاتمة عن الاستعداد للتعامل مع الفيروس، قائلاً إنه في مرحلة ما سيتعين على المسؤولين الحوثيين التعامل مع مليون شخص بحاجة إلى دخول المستشفى في فترة شهرين، وقال إنه في مرحلة ما، سيتعين على الأطباء الاختيار بين من ينقذون ومن يتركون يموتون.

وفي الوقت الذي يشهد فيه اليمن أزمة صحية شديدة التردي جرّاء الحرب الحوثية، فإنّ المليشيات استغلّت هذه الحالة المأساوية في فرض الإتاوات على السكان، في ظل تفشي جائحة كورونا.

ففي محافظة صنعاء، فرضت المستشفيات الخاصة نحو مليوني ريال لدخول أي مريض بـ"كورونا"، في وقتٍ ترفض فيه المستشفيات الحكومية استقبال أي حالات.

وعلم "المشهد العربي" من نجل مريض بـ"كورونا" في صنعاء أنّ مستشفى الكويت الحكومي رفض استقبال حالة والده، بزعم عدم وجود أسرة قبل أن يتفاجأ خلال مراجعته مستشفى خاص بطلبه مليوني ريال لاستقبال والده.

وأضاف أنّه سارع بالاتصال على الرقم الذي أعلنته وزارة الصحة التابعة للحوثيين؛ لتقديم الشكاوى حول رفض المستشفيات استقبال المرضى، لكن الخدمة طالبته بمحاولة تدبير المبلغ.

وأشار إلى أنّه اضطر لإعادة والده إلى المنزل، قبل أن يتعاون مع آخرين لتدبير إسطوانة أوكسجين له، لتخفيف آلامه.

في السياق نفسه، قال مصدر طبي لـ"المشهد العربي"، إنّ المستشفيات الخاصة تمارس ما يحلو لها، طالما تدفع إتاوات ومبالغ لوزير الصحة الحوثي والقيادات الحوثية، كما أن عقاب الحوثيين لا يطال إلا المستشفيات التي تحاول التملص من دفع الإتاوات.