ما بين ٧ يوليو صنعاء و٧ يوليو عدن !


أَجد نفسي هنا مضطراً ولأكثر من سبب يبرر لنا إعادة نشر المقال المرفق بحديثنا هذا ؛ والذي سبق وأن تم نشره قبل عام من الآن وتحديداً في ٧ يوليو ٢٠١٩م ؛ وكان تحت عنوان ( ٧ يوليو الإحتلال و ٧ يوليو الثورة ) ؛ولعل السبب الأول والرئيسي لذلك وفي تغيير العنوان ؛ يكمن في دلالة ومحتوى الرسالة التي يعكسها ذلك الحدث التاريخي ؛ وببعده الوطني العميق ورمزيته وطابعه الثوري الذي حظي بها ذلك اليوم المصادف للسابع من يوليو عام ٢٠٠٧م ليكون عنوانا وبداية لمرحلة جديدة من العمل الكفاحي المنظم لشعب الجنوب ؛ وكان إختياره دون سواه من الأيام ردا مدروسا وبعناية بالغة على يوم السابع من يوليو الأسود عام ١٩٩٤م ؛ وتعبيرا عن إرادة التحدي والمواجهة الشاملة مع نتائج ذلك اليوم المشؤوم الذي دشن به نظام صنعاء رسمياً إحتلاله للجنوب ؛ والذي تحول إلى شاهد على هزيمة مشروع صنعاء وعلى جريمتها التاريخية بحق مشروع ( الوحدة ) بين الدولتين ؛ وسيبقى بالمقابل أيضا يوم ٧ يوليو ٢٠٠٧م شاهداً على إنتصار مشروع عدن الوطني التحرري العادل الذي يقترب بثبات من تحقيق الهدف العظيم لشعبنا في الجنوب .

وأما الرسالة التي أود أن أبعث بها هنا فهي دعوة صادقة موجهة وبدوافع وطنية مخلصة ؛ وبكل حرص ومحبة للبعض من إخوتنا الجنوبيين الذين ما زالوا يقفون مع الأسف في الصف المعادي لقضية وطنهم وشعبهم ؛ مطالبين أياهم إلى التأمل وأخذ العبر والدروس من واقع الحياة ومعطياتها ؛ بعد أن أتضحت الصورة أمام الغالبية العظمى ممن كانوا في يوم ما في المكان الخطأ ولأسباب وعوامل قاهرة ؛ وأنتقلوا إلى حيث ينبغي أن يكونوا في وقت مبكر ؛ وها هم اليوم في الصفوف الأولى للدفاع عن الجنوب وقضيته الوطنية العادلة ؛ وأن يحسموا أمرهم دون تردد وبعيدا عن أية حسابات تحول دون وقوفهم مع شعبهم في هذه المرحلة التاريخية المفصلية !

*وإلى نص المقال كما نشر حينها :*

سيبقى التاريخ شاهداً حياً ولن يموت أبداً من ذاكرة أبناء الجنوب جيلاً بعد جيل ؛ لما لذلك من دلالات ومعاني تختزل أشياء وأشياء لا يمكن القفز عليها وتجاهلها ؛ أو حتى التبسيط أو التسطيح لفعل ( الرقمين ) اللاحق وعلى صعيد تدوين التاريخ ؛ بما هو تاريخ صنعته الحقائق ودونته الوقائع ..

فالفرق واضح وساطع — فعلا ونتائج — ما بين يوم ٧ يوليو الأسود عام ٩٤م ؛ الذي أجتاحت فيه جحافل قوى النفوذ والأطماع الشمالية الغازية أرض الجنوب ؛ وأسقطوا منذ ذلك اليوم إعلان مشروع ( الوحدة ) ؛وسقطت معه بعدوانهم هذا تحت جنازير دباباتهم وراجمات صواريخهم وطائراتهم المتعطشة لدماء أبناء الجنوب وتدمير مدنهم وقراهم ؛ بل وحتى تم قصف مؤسسات الخدمات التي تعينهم على الحياة كالمياة والكهرباء والمستشفيات ومصافي عدن ؛ وما بين ٧ يوليو ٢٠٠٧م يوم إنطلاق المارد الجنوبي الجبار نحو تحقيق هدفه العظيم والمتمثل بإستعادة دولته وكرامته وكبريائه الوطني وتاريخه المجيد ؛ والذي أثبت قدرته وجدارته بإستعادة حقه وحقوقه وسيادته على أرضه ؛ حينما توج ذلك بإنتصاره المؤزر حين جرع الغزاة وبنسختهم الجديدة مرارة الهزيمة في حرب عام ٢٠١٥م ؛ فقد أصبح ٧ يوليو الأسود منذ ذلك العام شاهداً مخزياً على أصحابه ومسجلاً صمود وعنفوان المارد الجنوبي المدافع عن حقه وحقوقه وتاريخه ومستقبل أجياله .

أن الطريق الأمثل والآمن لعلاقات سوية وندية وأخوية سليمة بين جنوبنا وشمالكم ؛ هو الإعتراف بحق الجنوب في إستعادة دولته وسيادته على أرضه بعيداً عن أية أوهام ؛ ضماناً لعلاقات حسن جوار متينة بين شعبين شقيقين ؛ تربطهما علاقات متميزة وأواشج الأخوة التي تكونت عبر عقود طويلة من الزمن ؛ وهي متعددة الأبعاد والميادين وفي مختلف جوانب الحياة ؛ والتي بها وعبرها تصان فيها الحقوق المختلفة ؛ وتضمن كذلك إنسياب المصالح والمنافع المتبادلة وما أكثرها ؛ والقائمة على الإحترام المتبادل لطبيعة وخصائص النظام السياسي في الدولتين الشقيقتين .

وبغير ذلك فلن نجد للأمن والإستقرار مكاناً ؛ وستبقى الحروب عنوانا للصراع الذي يريده ويتمناه الطامعون والمتنفذون بثروات الجنوب من القوى التقليدية وأصحاب المشاريع الأيديولوجية المغلفة بالدين زوراً وبهتاناً ؛ وهو الأمر الذي لن يتحقق لهم بكل تأكيد ؛ مهما أبدعوا وتفننوا في محاولاتهم الدنيئة والخسيسة في إشعال فتيل الفتنة بين أبناء الجنوب وتحت ذرائع مختلفة ؛ ولن ينجح مالهم السياسي المدنس من تحقيق غايتهم الشيطانية هذه ؛ فقد أدرك أهلنا في الجنوب من أرخبيل سقطرى الساحرة على بحر العرب وجبل صرفيت وضربة علي في حوف شرقاً وحتى جزيرة ميون وباب المندب غرباً ؛ كل مآربكم وخطورتها على حياتهم ومستقبل أجيالهم ؛ ولن تمروا هذه المرة !.