جهود الحل السياسي.. كيف أغرق الحوثي سفينة جريفيث؟
في الوقت الذي تُعوَّل فيه كثيرٌ من الآمال على جهود المبعوث الأممي مارتن جريفيث من أجل التوصّل إلى حل سياسي، فإنّ المليشيات الحوثية تطلق رصاصًا من نوع آخر على هذه الجهود السياسية.
وفي هذا الإطار، حذَّرت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية من محاولات مليشيا الحوثي، المدعومة من إيران، لإفشال جهود المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث الرامية إلى وقف الحرب، وتركيز الجهود نحو مفاوضات السلام الشامل.
وبحسب مراقبين، فإنّ مساعي جريفيث الحالية لن تكون أحسن حالا من سابقاتها في ظل تنصل الحوثيين الإرهابيين ومراوغاتهم وسعيهم إلى الرهان على التوسع العسكري.
وعلى مدى أكثر من عامين، يحاول جريفيث أن ينجز شيئًا، غير أنه حتى الآن لا يزال يراوح عند نقطة البداية في ظل إجماع على أن مساعيه لا تعدو كونها كمن يحاول أن "يحرث في البحر".
ووضعت المليشيات الحوثية العراقيل أمام مبادرة جريفيث، حين أعلنت أن الحل الوحيد يكمن فيما سمته "وثيقة الحل الشامل" التي تريد من خلالها انتزاع اعتراف دولي وأممي يرسخ وجودها على الأرض.
ويرى سياسيون أنّ المليشيات الحوثية ستكون حجر العثرة الحقيقي أمام أي جهد يرمي إلى خفض التصعيد، أو استئناف المشاورات، أو حل قضايا الملفين الإنساني والاقتصادي.
ودأبت المليشيات الحوثية على إفشال جهود الأمم المتحدة من أجل التوصّل إلى حل سياسي، يوقف الحرب التي تخطّت عامها السادس، وصنعت أزمة إنسانية هي الأشد بشاعة على مستوى العالم أجمع.
وفيما قدّم جريفيث العديد من المبادرات بغية تحقيق السلام، إلا أنّ المليشيات أفشلت كل هذه المساعي ووجّهت سهام بنادقها صوب هذا المسار، بغية إطالة الحرب، على اعتبار أنّ هذا الأمر يمثّل مصلحة قصوى لها.
وسبق أن تحدّثت مصادر مطلعة عن أنّ جريفيث وصل إلى طريق مسدود في جهوده لإيقاف القتال بسبب رفض مليشيا الحوثي، المدعومة من إيران، الخطة التي اقترحها منذ شهرين وقبلها التحالف العربي.
وأوضحت المصادر في وقتٍ سابق، أنّ جريفيث تجنّب إبلاغ مجلس الأمن الدولي بذلك، ويسعى لإدخال تعديلات على تلك الخطة وإعادة النقاش مع المليشيات حتى لا تغلق كافة الأبواب أمام جهود السلام.
ونصّت مقترحات جريفيث على وقف القتال، وتشكيل لجان عسكرية بمشاركة ضباط من الأمم المتحدة للفصل بين القوات، وإعادة تشغيل مطار صنعاء، وصرف رواتب الموظفين، والتزام واضح بالذهاب إلى محادثات سلام شاملة.
ووضعت المليشيات الحوثية شروطًا لا يمكن القبول بها أو مناقشتها، منها حصولها على تعويضات ورواتب الموظفين لمدة عشر سنوات، بما يعني الإقرار بتحكمها بمصير اليمن على غرار ما هو حاصل مع مليشيا حزب الله اللبناني الإرهابية، وهي اشتراطات غير منطقية.
إقدام الحوثيين على إفشال أي مساعٍ نحو تحقيق السلام والاستقرار أمرٌ لا يثير أي استغراب، فالمليشيات الموالية لإيران دأبت طوال السنوات الماضية على تفخيخ مسارات حل الأزمة بالأطر السياسية ومنح الحرب استراحة دائمة، لطالما انتظرها الجميع.
ولعل موقف المليشيات وتعاملها الخبيث مع اتفاق السويد خير دليل على رغبتها في إطالة أمد الحرب، فعلى الرغم من أنّ الاتفاق الذي وُقِّع في ديسمبر 2018 كان خطوة أولى علقت عليها الآمال من أجل حل الأزمة سياسيًّا، إلا أنّ الحوثيين أفشلوا هذا المسار بسلسلة طويلة من الخروقات تخطّت الـ14 ألف خرق.