النهب الحوثي لمساعدات النازحين.. أجسادٌ نهش فيها سرطان المليشيات
في الوقت الذي يُوثِّق فيه العالم أجمع الأزمة الإنسانية في اليمن بأنّها الأبشع على مستوى العالم، فإنّ جرائم عديدة ارتكبتها المليشيات الحوثية فاقمت هذه المأساة، لعل من أبرزها "نهب المساعدات".
وتملك المليشيات الموالية لإيران سجلًا خبيثًا يعج بجرائم نهب المساعدات الإنسانية على النحو الذي ساهم كثيرًا في تفاقم الأزمة الإنسانية بشكل كبير.
وفي هذا الإطار، حذّرت صحيفة "الشرق الأوسط" من أنَّ سطو مليشيا الحوثي، المدعومة من إيران، على المساعدات والمعونات الإنسانية يضع النازحين في صنعاء تحت وطأة الجوع.
الصحيفة تحدّثت عن تخوُّف النازحين في صنعاء وقلقهم من انقطاع مساعدات الوكالات الإغاثية بشكل كلي، خاصة بعد تخفيضها إلى النصف.
وكشفت مصادر محلية مطلعة على أوضاع النازحين في صنعاء، أنّ مئات النازحين من الحديدة في صنعاء لا يتسلمون معوناتهم الغذائية منذ أربعة أشهر، ويواجهون عراقيل حوثية عدة تحول بينهم وبين الحصول على المخصص لهم من المساعدات الإغاثية.
وأشارت الصحيفة إلى أن النازحين في صنعاء يتهمون مليشيا الحوثي بسرقة المساعدات والمعونات الإنسانية من خلال تحكمهم في آلية صرف وتوزيع تلك المعونات.
وأكّد النازحون في صنعاء وجود تلاعب وعبث كبيرين من قبل مليشيا الحوثي في المساعدات الغذائية، ومطالبتهم الأمم المتحدة باتخاذ إجراءات وقرارات صارمة حيال المليشيا، وليس اللجوء إلى تخفيض أو تعليق عمل توزيع المعونات وحرمان المستحقين منها.
المليشيات الحوثية عمدت منذ إشعالها حربها العبثية في صيف 2014، إلى صناعة أزمة إنسانية، ومن أجل تحقيق ذلك أقدمت بشكل مكثف على نهب المساعدات لا سيّما المخصصة للنازحين، عملًا على مضاعفة الأعباء عليهم.
وفي نهاية يونيو الماضي، أقدمت مليشيا الحوثي على الاستيلاء على مساعدات للنازحين في مديرية الزيدية، في محافظة الحديدة، قدمتها مؤسسة خيرية، حيث نهبت المليشيات 72 خزانا بلاستيكيا، للنازحين في مديرية الزيدية، وباعتها لأحد التجار.
هذه الجرائم الحوثية ساهمت في تردي الأوضاع الإنسانية بشكل كبير، وهو حالٌ توثّقه التقارير الدولية، فقد أدّت مثل هذه الجرائم إلى تفشٍ مرعب في الفقر باليمن، بحسب البنك الدولي الذي كشف عن أنّ الحرب الحوثية دفعت ثلاثة أرباع السكان إلى تحت خط الفقر، وأصبحت الحرب الاقتصادية التي تتبناها منذ سنوات المحرك الرئيسي للاحتياجات الإنسانية.
وفي وقتٍ سابق، قدّر البنك الدولي أن ما بين 71-78٪ من السكان - بحد أدنى 21 مليون شخص- قد سقطوا تحت خط الفقر في نهاية عام 2019، كما تسبّبت الحرب الحوثية في توقف الأنشطة الاقتصادية على نطاق واسع، ما تسبب بنقصان حاد في فرص العمل والدخل لدى السكان في القطاعين الخاص والعام.
وتشير التقديرات إلى أن ثمانية ملايين شخص فقدوا مصادر رزقهم أو يعيشون في مناطق حيث يتوفر الحد الأدنى من الخدمات إن لم تكن معدومة، وتشهد معدلات البطالة ارتفاعا بصورة مستمرة.
كما تسببت الحرب الاقتصادية الحوثية في ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، والخدمات الاجتماعية، مما أدى إلى زيادة حالات الفقر وخطر الموت جوعا على ملايين السكان.
وأدّت الحرب الحوثية إلى إضعاف قيمة الريال، الأمر الذي ترتّب عليه ارتفاع الأسعار ما أثر بشكل مباشر وسلبي على كل من حول خط الفقر وتحته، كما أدّت الحرب إلى انهيار الاقتصاد والخدمات الاجتماعية، وأصبح الملايين من السكان يعانون من الجوع والمرض وأكثر عرضة للخطر، ولا تزال الأزمة الإنسانية في اليمن هي الأسوأ في العالم، وهناك 80% من السكان "24.1 مليون شخص" يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، وقد شردت المليشيات الحوثية 4.3 مليون شخص على مر السنوات الماضية.
أمام كل هذه الأرقام التي توثِّق مأساة اليمن، المصنوعة حوثيًّا، فإنّ إقدام المليشيات على نهب المساعدات أمرٌ ساهم بشكل كبير في تفشي الأزمة الإنسانية، حتى خرجت الأمور عن السيطرة.
وبات لزامًا على المجتمع الدولي أن يمارس سلطاته من أجل وقف هذا العبث الحوثي، والتوقّف عن ارتكاب مثل هذه الجرائم والانتهاكات التي تزيد من هول المأساة.