حراك عربي صوب أبوظبي يكرسها مركزا إقليميا لحل مشاكل المنطقة
بدأ العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين مصحوبا بعقيلته الملكة رانيا، الأربعاء، زيارة رسمية إلى الإمارات العربية المتّحدة، ليكون بذلك ثاني قائد عربي تستقبله دولة الإمارات خلال أربع وعشرين ساعة بعد استقبالها الثلاثاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، لتكرّس أبوظبي بذلك صورتها كمركز استقطاب سياسي عربي وإقليمي لمعالجة مشاكل المنطقة، وهو الدور الذي يؤهّلها للاضطلاع به بكفاءة اعتدالُ سياساتها وحيويةُ دبلوماسيتها وقدرةُ قيادتها على اجتراح الحلول، وتجميع الفرقاء حول طاولة التفاهم بشأنها.
ويأتي هذا الحراك العربي صوب دولة الإمارات، في فترة يسود فيها المنطقة مزاج ميّال إلى الخروج من مرحلة الاضطراب والتوتّر التي طال أمدها، وتلوح خلالها بوادر البحث عن مخارج سلمية لأزمات المنطقة وصراعاتها المسلّحة المشتعلة، لا سيما في سوريا حيث يعتبر الأردن طرفا متضرّرا بشكل مباشر من الحرب هناك والتي دفعت بآلاف اللاجئين نحو أراضيه فضلا عن المشاكل الاقتصادية والمخاطر الأمنية المترتّبة على الصراع.
ويرى مراقبون أن لدولة الإمارات العربية المتحدة، بما يميّز دبلوماسيتها من هدوء، وبما تمتلكه من شبكة علاقات واسعة ومتنوعة عبر العالم، وما تحظى به من مصداقية لدى أغلب الدول، لا سيما القوى الكبرى، دورا كبيرا ينتظر أن تؤدّيه خلال مرحلة الخروج من فترة الصّدام والتوتّر، إلى مرحلة مأمولة من السلم والأمن والاستقرار.
وتم خلال لقاءين منفصلين للعاهل الأردني مع كل من الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم نائب الرئيس الإماراتي حاكم دبي، والشيخ محمّد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي التطرّق إلى عدّة مواضيع شملت العلاقات الثنائية بين الأردن والإمارات والعديد من القضايا الإقليمية والدولية.
وأكّد الشيخ محمّد بن راشد وضع إمكانيات دولة الإمارات وخبراتها في خدمة الأردن والدول العربية لا سيما في قطاعات التكنولوجيا والحكومات الذكية والسياحة وغيرها من قطاعات البنية التحتية، فيما استمع من الملك عبدالله إلى إحاطة عن وضع مدينة القدس في ضوء المتغيرات التي حدثت مؤخرا بشأن المدينة.
وبشأن مباحثات الشيخ محمد بن زايد مع الملك عبدالله قالت وكالة الأنباء الرسمية الإماراتية “وام” إنّها تناولت “سبل تعزيز العلاقات بين البلدين ومجمل القضايا والأوضاع الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك”.
ونقلت الوكالة عن الشيخ محمّد بن زايد قوله “إن دولة الإمارات تسعى دائما إلى توثيق علاقاتها بالمملكة الأردنية الهاشمية بما يحقق مصالحهما ويعزز العمل العربي المشترك خاصة في ظل التحديات التي تواجه دول المنطقة، وفي مقدمتها الإرهاب والعنف والتطرُّف والتدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية”، مشدّدا على أنّ “الظروف الحرجة التي يمر بها العالم العربي، والتهديدات التي يتعرَّض لها، تستدعي المزيد من التشاور والتعاون والتنسيق بين الأشقاء بما يعزز أركان الأمن العربي، ويصون المصالح العليا للدول العربية وحقوق شعوبها في الاستقرار والتنمية والرفاه والسلام”، ومعتبرا أنّ للمملكة الأردنية الهاشمية “دورها الهام في العمل العربي المشترك، وفي أي عمل عربي فاعل لدعم منظومة الأمن العربي التي تحتاج اليوم، أكثر من أيِّ وقت مضى، إلى تقويتها وتعزيزها بعد أن أصابها الوهن والضعف خلال السنوات الماضية”.
وأثنى الملك عبدالله من جانبه على “مواقف دولة الإمارات في تعزيز العمل العربي المشترك والتعاون لصالح المنطقة وشعوبها”.
وشدّد الطرفان “على استمرار التنسيق والتشاور بين البلدين بشأن المستجدات والأوضاع الراهنة ومواجهة التحديات التي تشهدها دول المنطقة خاصة محاربة الإرهاب والتطرف وتنظيماته وذلك في إطار العمل العربي المشترك وبما يعزز أمن واستقرار بلدان المنطقة وشعوبها”. ورافق العاهل الأردني في زيارته إلى الإمارات وفد ضم كلاّ من أيمن الصفدي وزير الخارجية وشؤون المغتربين، واللواء عدنان الجندي مدير دائرة المخابرات، والفريق الركن محمود فريحات رئيس هيئة الأركان المشتركة، وجعفر حسان مدير مكتب الملك، ومستشاره عبدالله وريكات.
وجاءت زيارة العاهل الأردني إلى الإمارات ساعات قليلة بعد مغادرة الرئيس المصري عبدالفتّاح السيسي أبوظبي عائدا إلى بلاده إثر زيارة رسمية كان بدأها الثلاثاء، وحضرت قضايا الأمن القومي العربي واستقرار دول المنطقة وسيادتها كبند رئيسي ضمن أجندتها.
وأجرى السيسي خلال الزيارة مباحثات مع الشيخ محمد بن راشد والشيخ محمد بن زايد تطرّقت إلى العديد من القضايا الإقليمية والدولية، و”بشكل خاص -وفق وكالة الأنباء الإماراتية- التدخلات الإقليمية في المنطقة وأضرارها على أمن واستقرار البلدان العربية، إضافة إلى سبل محاربة التطرف والعنف والإرهاب وتجفيف منابعه ومصادر تمويله ومنابر أفكاره وأيديولوجياته”.
وقالت الوكالة إنّ المباحثات تمخّضت عن توجيه دعوة إماراتية مصرية “إلى ضرورة الحفاظ على وحدة وسيادة الدول التي تواجه الأزمات وصون مقدرات شعوبها وتمكين مؤسساتها الوطنية للاضطلاع بمسؤولياتها في حفظ الأمن والاستقرار ودعم التنمية والبناء والتطوير فيها وضرورة تعزيز جهود العمل العربي المشترك بما يحقق مصالح الشعوب العربية ومواجهة مساعي التدخل في شؤونها الداخلية التي تستهدف أمنها واستقرارها ومقدراتها”.