البنية الوهمية لحكومة الفساد التدميرية


انطلاقا من القراءة الأولية للتقرير المقدم من قبل اللجنة الدولية إلى مجلس الأمن الدولي والمكلفة بخصوص حل الأزمة في جنوب اليمن وشماله منذ أكثر من ثلاث سنوات وما لوحظ فيه من معاني ودلالات خفية مفيدة ومخيفة ، وما يشير إليه من مخاطر محتملة في حال استمرار حكومة الفساد التدميرية  على الأمن والسلم الدوليين ، ارتأينا بأن الخطوة الأولى لقراءة التقرير وتحليله وتأويله تكمن في معرفة الآلية التي تمكنت فيها اللجنة من مقاربة الحل والمجسدة في اتباع لغتي العقل والروح معاً ، بعد أن عجزت لغة العقل بمفردها لسنوات طويلة قبل 2015 م ،  منطلقة من الرؤية الفلسفية للعولمة التي تؤمن بأن الحقيقة جمالية قبل أن تكون معرفية ، وهي الآلية التي اشتغلت عليها القوى الإقليمية الخبيثة ، ولكن بشكل معكوس أنتج بنية وهمية تشوش وتغطي على فساد الحكومة التدميرية وهو ما أربك العالم وأنتج نموذجاً فاسداً يدين نظام العولمة بهدف إرباكه في أخطر مكان دولي في العالم إلى أن أدرك مجلس الأمن السر عبر لجنته الدولية التي توصلت إلى معرفة حقيقة حكومة الفساد من خلال جمع اللجنة بين آلية الحقيقة الجمالية الرامزة وآلية الحقيقة العلمية المبرهنة ، وبهذه الآلية الجامعة تمكنت اللجنة من  تفكيك شفرات الحكومة الفاسدة وما في خطاباتها وسلوكها من ألغاز وطلاسم ورقي وأحاجي  ورموز بلاغية وفنية وعلامات سيميائية  وإشارات رامزة ، فما هي هذه البنية الوهمية  لحكومة الفساد التدميرية التي أعاقت لغة العقل الدولي لسنوات قبل مجيء هذه اللجنة الدولية ؟! .
  تبدو هذه النبتة السامة وكأنها مجهولة الهوية إلا أنها لم تتشكل من فراغ  ولم تُخلَق من عدم ، لقد أفرزتها لحظة جهنمية نزقة، وتم شيطنتها  منذ وقت مبكر لتصبح مؤهلة لموروث تراكمي خبيث، كما شاءت الأحداث الكثيرة والكبيرة والمتسارعة  أن تنسج خيوطها بشكل مبهم ومغاير جاعلة منها بنية وهمية  يتسرب الفساد عبر مساماتها لينتج ثماراً بركانية تدمر المكان والزمان والإنسان معاً ، فمن هي ؟
 إنها قوة وهمية متشيطنة  لا تملك مشروعاً محدداً لأن مشروعها تدمير كل المشاريع ، وليس لها وطن لأن مشروعها تدمير كل الأوطان ، ولا حليف لها لأن مشروعها تدمير كل الحلفاء ، ولا قومية لها لأنها لا تؤمن بتآلف القوميات ، ولا مذهب لها لأن مذهبها العبث بكل المذاهب ، ولا إنسانية لها لأن مشروعها تدمير كل القيم الإنسانية ، فما شكلها ؟!  .
  إنها مخلوقة مواربة يسهل تطويقها ويتعثر الإمساك بها ؛ لأن عدوها البناء وصديقها الدمار ، تموت إذا حل السلام وتعيش إذا احترقت الأرض، لا تفكر إلا في الشر ولا تتنفس إلا برائحة الموت ، تكره التنظيم وتعشق الفوضی ، لا تجنح للغة السلام لأنها مشغولة  بلغة الحرب ،  تجهل نسج التآلفات والتوافقات لكنها تجيد اللعب على المتناقضات وصناعة الأزمات وتأزيم الخدمات ، فمن أي طينة هذه ؟! .
  إنها كائن غريب تشكل خلسة من طينة ماكرة تمارس التمزيق بالتوحيد والتوحيد بالتمزيق ، تعمل على لملمة الشر وتمزيق الخير ، تبعثر الضوء وتجمع الظلام ، تعبث بالسلام وتلملم الدمار ، إنها مخلوقة محيرة ومثيرة تتبنى الخطوط الحمراء لغيرها ولا تلتزم فيها ، تصنع الفساد لكي تستثمره وتدعي الشرعية على غيرها ، بينما تدمر كلما هو شرعي لكي تتهم الآخرين في كلما قامت بتدميره ، فلماذا تم هندستها بهذه الطريقة ؟!.
  تم هندستها بهذه الطريقة لكي تغري وتغوي معاً ، فمن تبناها فقد السيطرة عليها أو تورط بها أو اصطدم فيها ، وهذا ما حصل لهادي والتحالف والدول الكبرى ومن قَبِلَ التعامل معها تاه فيها أو نفي منها أو تحاصر بها ، وهذا ما حصل للمقاومة الجنوبية  ، ومن تصدى لها تواجهه بنار الفساد  والمناطقية والإرهاب ، وهذا ما حصل للجماهير الثائرة والمجلس الانتقالي معا ، فلماذا التمسك بها رغم مخاطر بقائها على الأمن والسلم الجنوبي واليمني والعربي والدولي ؟! 
  يكمن السر في إطالة أمدها بتلك القوى الإقليمية الخفية الظاهرة في ( إيران وتركيا وقطر ) وما تقدمه من دعم مشبوه لها بهدف إرباك المشهد السياسي جنوبيا ويمنيا وعربيا ودوليا عن طريق حركة الإخوان الإصلاحية التي لا صلاح لها إلا بتدمير الأمن والسلم المحلي والعربي والدولي ، وضمانا لتحقيق الأمن والسلم الدوليين كيف يتم الخلاص منها ؟! 
  بعد أن اقتنعت معظم القوى الجنوبية واليمنية والعربية والدولية إلى أن مصالحها مهددة بفعل مخاطر بقاء هذه البنية الشيطانية لحكومة الفساد التدميرية في المعاشيق ،  والتقرير المقدم قبل يومين إلى مجلس الأمن من قبل لجنة الخبراء الدولية المشكلة قبل ثلاث سنوات لمعالجة الأزمة في شمال اليمن وجنوبه خير دليل على صحة كل ما ذكرناه في فقرات موضوعنا هذا ، وعليه فقد بدأ التعامل معها بطرق وأساليب جديدة ومغايرة خفية وظاهرة بهدف إزالة هيمنتها في الجنوب واليمن حفاظا على الأمن والسلم الدوليين ، إذ كانت بداية النهاية في 30 يناير 2018 حين حسم المجلس الانتقالي بقيادة الرئيس عيدروس الزبيدي الوضع في العاصمة عدن خلال ساعات بعد اعتداء قواتها على جماهير التصعيد السلمي ، مسقطاً قوات حماية الفساد الإخوانية ومحاصرة حكومتها في معاشيق ، إلا أن اتفاقية الهدنة بين الانتقالي وحكومة معاشيق التي قام بها حلفاؤنا في دول التحالف بقيادة المملكة والإمارات حالت دون سقوطها ، ومن حينها والمجلس الانتقالي في حالة صعود على الصعيدين الداخلي والخارجي بينما بدأ العد التنازلي لحكومة الفساد التدميرية ، والأيام القادمة ستشهد زوالاً تدريجياً لها بشكل متسارع بهدف الحفاظ على الأمن والسلم الجنوبي واليمني والعربي  والدولي .

* مشرف المركز العلمي الجنوبي