السمنة تزيد من خطر الوفاة بـ(كوفيد-19) إلى 50%
حذر باحثون من أن اللقاحات المنتظرة للقضاء على فيروس كورونا المستجد، ربما تكون أقل فاعلية بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون من البدانة وفق القياسات الطبية، حيث وجد عدد من الباحثين أنّ البدانة ربما تضاعف خطر الإصابة بكورونا وقد تُفاقم تالياً احتمالات الوفاة نتيجة الفيروس بنحو 50 في المئة.
كذلك حذر العلماء من أن أي لقاح يُنتج مستقبلاً قد يحمل فاعلية أقل بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون وزناً زائداً وفق القياسات الطبية (مؤشر كتلة الجسم).
وتشمل المشاكل الصحية التي تسببها البدانة عدداً من الأمراض الموجودة مسبقاً، والمعروف بأنّها تزيد عدوى "كوفيد- 19" حدة، من بينها أمراض القلب وداء السكري وارتفاع ضغط الدم.
وأجرى باحثون من جامعة "نورث كارولينا" في الولايات المتحدة الأميركية تقييماً عالمياً لمجموعة بيانات صحية عملوا على جمعها منذ بدء ظهور الوباء، وخلصوا إلى أن الأشخاص الذين يتخطى مؤشر كتلة الجسم (BMI) لديهم 30، كانوا أكثر عرضة بنسبة 113 في المئة للدخول إلى المستشفى بسبب "كورونا".
كذلك، تبين أن المرضى الذين أُدخلوا إلى المستشفى كانوا أكثر احتمالاً لتلقي الرعاية الطبية في وحدة العناية المركزة بنسبة 74 في المئة، فيما ازداد خطر الوفاة بين المرضى المصابين بالبدانة 48 في المئة.
في سياق متصل، حذر الباحثون من أن نجاعة أي لقاح مستقبلي ربما يُقوضها أيضاً ارتفاع مؤشر كتلة الجسم لدى الشخص الذي يتلقى جرعة التحصين، على الرغم من أن عالماً في جامعة "أكسفورد" البريطانية، لم يشارك في الدراسة، قال إن هذا الرأي "ليس سوى افتراض".
وفي ما الباحثون يسعون إلى إنتاج لقاح يوفر الحصانة للناس بغية مكافحة "سارس-كوفيد -2"، وهو الفيروس المسبب لـ"كوفيد -19"، تشير الأدلة المتوفرة حالياً إلى أن اللقاحات المضادة للإنفلونزا الموسمية تعطي مفعولاً أقل لدى مرضى السمنة المفرطة.
وتذكيراً، أطلقت حكومة المملكة المتحدة في وقت سابق حملة لمكافحة البدانة خلال جائحة كورونا، وأُفيد بأن بوريس جونسون رئيس وزراء البلاد أسر إلى مقربين منه أنّه يعتقد أن وزنه هو السبب في تجربته المريرة مع الفيروس، التي اقتضت تلقيه العلاج في قسم العناية المركزة.
وتعليقاً على نتائج الدراسة، قال باري بوبكين، بروفيسور في قسم التغذية في جامعة "نورث كارولينا"، إن عامل الخطر الذي تطرحه زيادة الوزن الزائد شكل تحدياً كبيراً فيما يسعى الناس في أنحاء المعمورة إلى تفادي الإصابة بالعدوى. وحث بوبكين الحكومات على استحداث سياسات غذائية تعمل على تعزيز الصحة الجيدة، من أجل ضمان سلامة المواطنين.
وأضاف قائلاً، "لسنا فقط نمضي أوقاتاً أكثر في المنزل، ونتعرض لمزيد من الضغط النفسي نتيجة الجائحة، ولكننا أيضاً لا نقصد متجر البقالة في كثير من الأحيان، ما يعني ارتفاع الطلب على الأطعمة المصنعة والمعلبة غير الصحية، والمشروبات المحلاة بالسكر الأقل ثمناً وذات الصلاحية الطويلة الأمد".
"تحتوي تلك الأغذية البخسة الثمن، التي مرت بعملية معالجة زائدة، على نسبة عالية من السكر والصوديوم والدهون المشبعة، فضلاً عن أنها مليئة بكربوهيدرات تعرضت لعملية تكرير عالية (خسرت الجزء الأكبر من قيمتها الغذائية خلال التصنيع)، التي تفاقم جميعها خطر زيادة الوزن، بل أيضاً الإصابة بالأمراض غير الانتقالية الرئيسة"، وفق بوبكين.
إلى جانب الحالات الصحية الناشئة عن البدانة، تحد التغيرات الأيضية الناتجة من مؤشر كتلة الجسم المرتفع، من قبيل مقاومة الأنسولين والالتهابات وغلوكوز الدم غير المنضبط، من قدرة المرضى على مكافحة العدوى.
في تطور متصل، تحدثت أيضاً عن المخاطر التي تطرحها البدانة على مرضى "كورونا" الباحثة المشاركة في الدراسة ميليندا بيك، وهي بروفيسورة في قسم التغذية في كلية "غيلينغز للصحة العامة العالمية" Gillings School of Global Public Health فقالت، "في مقدور تلك العوامل كلها أن تؤثر في عملية التمثيل الغذائي الخاصة بالخلايا المناعية، والتي تحدد كيفية استجابة الجسم لمسببات الأمراض، على غرار فيروس كورونا "سارس- كوف- 2".
"الأفراد المصابون بالبدانة أكثر احتمالاً أيضاً لمواجهة اعتلالات جسدية تجعل مكافحة هذا المرض أكثر صعوبة، ومنها مثلاً انقطاع التنفس أثناء النوم الذي يزيد فرط ضغط الدم الرئوي، أو مؤشر كتلة الجسم المرتفع الذي يفاقم الصعوبات عند المكوث في المستشفى مع وضع أنبوب جهاز التنفس الاصطناعي."
وأضافت الدكتورة بيك: "لا نقول إن اللقاح لن يؤتي مفعوله بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون البدانة، بل إنه لا بد من النظر إلى السمنة المفرطة على أنها عامل مغيّر ينبغي أخذه في الاعتبار في تجارب اللقاح. حتى اللقاح الذي يمنح قدراً أقل من الحماية، سيوفر على الرغم من ذلك مستوى معيناً من المناعة."
بيد أن دنكان يونغ، برفيسور في طب العناية المركزة في جامعة "أكسفورد"، قال: "إن مناقشة التأثيرات التي تخلّفها البدانة في كفاءة اللقاح لا تستند إلى التحليل الشمولي في الورقة البحثية أو أي بيانات جديدة، بل إلى مراجعة سردية لمجموعة دراسات أخرى، وهي محض افتراض".
وخلُص يونغ إلى أن "الدراسات الكثيرة الجارية حول اللقاح ستدرج في الغالب مؤشر كتلة الجسم، ومن هنا ستتأتى البيانات الدقيقة بشأن العلاقة بين البدانة ونجاعة اللقاح".