الآثار في مناطق ميليشيا الحوثي.. تخريب وتهريب ومصير مجهول

السبت 24 فبراير 2018 09:54:07
الآثار في مناطق ميليشيا الحوثي.. تخريب وتهريب ومصير مجهول

حمّل باحثون ومهتمون بحماية التراث الثقافي اليمني «المليشيات الحوثية الإيرانية» مسؤولية ما يجري من ضياع للمعالم الأثرية القديمة وسرقة تلك الكنوز لا سيما المسجلة منها على لائحة التراث العالمي، كمدينة زبيد وصنعاء القديمة، وهي من المناطق التي تعرضت بعض أجزائها للسرقة والنهب أو للإتلاف أوالإهمال المتعمد.

وطبقاً لتقرير أرودته يومية "الاتحاد" الإماراتية فقد سجلت شواهد عديدة لجهات معنية بالآثار في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي عمليات نقل واستحواذ من جانب الجماعة الانقلابية على بعض القطع الأثرية المعروضة في بعض المتاحف في ظل مخاوف متزايدة حول المصير المجهول لتلك القطع مع غياب الرقابة من قبل الجهات المختصة، كما حدث من قبل عند ظهور نسخة من التوراة يعود عمرها لـ 500 سنة مع مجموعة من اليهود اليمنيين الذين تم تهريبهم إلى إسرائيل وهم يحملون هذه النسخة خلال سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء.

وأشار التقرير إلى تضاعفت عمليات النهب والتهريب للعديد من المخطوطات النادرة والقطع القديمة إلى خارج اليمن بسبب غياب الأجهزة الأمنية، باعتبارها إحدى أبرز العوامل الذي سهلت عملية النهب والتهريب.

ونقلت "الاتحاد" في تقريرها إيضاحات حديث لمدير الهيئة العامة للآثار والمتاحف الدكتور محمد سالم السقاف أكد فيه على أن الشريط الساحلي في اليمن ممتد ويوجد فيه «24» منفذاً ما بين بحري وجوي، وهذه المنافذ بسبب ضعف الرقابة واستمرار الحرب صارت أحد مراكز التهريب، بل اتخذ المهربون من الموانئ الفرعية طريقاً لتهريب الكثير من القطع الأثرية والمخطوطات النادرة عبر الحدود.

وأضاف قائلاً: «يتم التنسيق مع سلطنة عمان بشأن عمليات الضبط واسترداد بعض تلك المهربات، كما أن هناك بعض القطع الأثرية المهربة تم التحفظ عليها في جنيف، ووضعت في متحف الفن والتاريخ في جنيف والحكومة الشرعية تعمل على استردادها عبر القنوات الرسمية، ناهيك عن العديد من القطع الأثرية اليمنية يتم تداولها في المزادات العالمية»، مشيراً إلى أن الحروب دائما ما تنتج آثار سلبية مدمرة في مختلف المجالات وتطال مختلف فئات مجتمع ومكتسباته ومقدراته، ومن الصعوبة وضع حد لمثل هذه الأعمال نظراً لغياب مؤسسات الدولة الضابطة لتلك الأعمال. وخلال فترة الحرب عمد الانقلابيون في عدد من المحافظات اليمنية إلى التمترس خلف المواقع الأثرية وجعلها مخازن ومسرحاً للعمليات العسكرية، وبالتالي انتهاك حرمة وخصوصية تلك المواقع التاريخية كما حدث لقلعة القاهرة في مدينة تعز.

كما تعرضت تلك المواقع لعمليات قصف وقتل وترويع الأهالي، كما حدث في «المتحف الحربي» و«رصيف السياح» و«مدرسة ابناء السلاطين» في جبل حديد و«المتحف الحربي» و«مسجد البهرة» في مدينة عدن، حيث اتخذت المليشيات من هذه الأماكن، مراكز للانطلاق بعملياتها العسكرية مما أدى في الأخير لجعلها مناطق مستهدفة.

وأكد الدكتور محمد سالم السقاف أن الهيئة العامة للآثار تحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية والإنسانية لكل المليشيات المسلحة التي تتخذ من المعالم الأثرية والمواقع التاريخية مراكز للتمترس وتحويلها إلى مسرح للعمليات العسكرية.

واستطرد الدكتور السقاف قائلاً: «تعتبر الآثار ثروة وطنية سيادية يجب الحفاظ عليها كهوية ثقافية تعبر عن أصالة وعراقة وتاريخ اليمن»، مؤكداً أهمية تظافر جهود الجميع كعمل مجتمعي متكامل وواع لحماية هذه المواقع وتوفير الموارد المالية الأزمة لها، وتنفيذ أي أعمال صيانة تحتاج إليها، وكذلك تشديد الرقابة عليها، إضافة إلى الاحتكام إلى قانون الآثار، الذي يعتبر هيئة الآثار الجهة الرسمية الممثلة للدولة لحماية الآثار والمواقع التاريخية والحفاظ على هذا الموروث الحضاري وردع كل من تسول له نفسه العبث بالآثار.

وأضاف: «هيئة الآثار تعاني كما تعاني كثير من المؤسسات شح الإمكانيات بسبب الظروف التي تمر بها البلاد بسبب ويلات الحرب التي تستهدف هويتنا وثقافتنا وإرثنا الحضاري العريق، الذي أسهم في صياغة التراث العالمي الإنساني، وذلك في ظل تزايد الجرائم التي ترتكبها الميليشيات الحوثية الإيرانية بحق البلاد والعباد. فاليمن بحاجة الآن إلى تصحيح الوضع ومعالجة الخلل بالتعاون مع منظمة «اليونيسكو» والتوقيع على الاتفاقيات الدولية والبرتوكولات المتعلقة بشأن الآثار والمقتنيات التاريخية والتراثية، مما سيتيح لليمن استرداد كنوزها الأثرية، والتصدي لجرائم النهب والسرقة والتهريب إلى الخارج ويستنزف، فكثير من متاحف العالم أصبحت تمتلك أكثر ما هو موجود في متاحفنا بالداخل، فالمتاحف العالمية تحتوي على قطع أثرية ومخطوطات يمنية نادرة لا تتواجد في متاحفنا».