توقعات بارتفاع حالات الوفاة بكورونا حول العالم لـ3 أضعاف
توقع نموذج أثبت فاعليته سابقاً في تحديد التأثير المستقبلي لفيروس "كورونا" إلى أن الوفيات الناجمة عن الإصابة بعدوى "كوفيد - 19" قد تتضاعف ثلاث مرّاتٍ مع نهاية السنة الجارية على المستوى العالمي، لتصل إلى مليون و900 ألف حالة وفاة، متوقّعاً أن تواجه كلٌّ من أوروبا وآسيا الوسطى والولايات المتحدة الخطر الأشد.
نهج هذه الدراسة التوقعية التي اعتمدها "معهد القياسات الصحّية والتقييم" Institute for Health Metrics and Evaluation ، التابع لكلية الطب في جامعة واشنطن، أثبتت فعاليته في توجيه فريق العمل المعني بمواجهة فيروس "كورونا" في الولايات المتّحدة في وقت سابقٍ من هذه السنة.
وتشير التوقّعات الجديدة الصادرة عن المعهد الأميركي - التي انتقدها البعض لأنها تنظر بعيداً جدّاً في اتجاه البحث المستقبلي - إلى أن إجمالي عدد الوفيات بسبب الفيروس قد يصل إلى نحو مليونين و800 ألف شخص، مع حلول الأول من يناير (كانون الثاني) من السنة 2021، ما لم تعِد الحكومات النظر في قراراتها المتعلقة بتخفيف إجراءات منع انتشار "سارس -كوف-2"، الفيروس المسبّب لمرض "كوفيد - 19".
ويذهب مدير "معهد القياسات الصحّية والتقييم" IHME الدكتور كريستوفر موراي إلى أن "هذه التوقّعات العالمية الأولى من نوعها في تحديد البيانات وفق كلّ دولة، ترسم صورةً مثيرة للقلق تنذر بالخطر في المرحلة الآتية، إضافةً إلى أنها تشكّل خريطة طريق يمكن اتّباعها من جانب قادة الحكومات في العالم وكذلك الأفراد للتخلّص من وباء "كوفيد - 19".
وأضاف موراي: "إننا نواجه احتمال ارتفاع عدد الوفيات في ديسمبر (كانون الأول)، لا سيما في دول أوروبا وآسيا الوسطى والولايات المتّحدة. لكن الخلاصات العلمية واضحة والأدلّة دامغة ولا يمكن دحضها، الأمر الذي يؤكد وجوب الالتزام بارتداء الأقنعة الواقية، والحفاظ على التباعد الاجتماعي، ووضع ضوابط في ما يتعلق بالتجمّعات الاجتماعية، لأنها جميعها تشكّل أمراً حيوياً في الحدّ من انتقال الفيروس وتفشّيه".
وترتكز توقّعات المعهد في ما يتعلّق باحتمال وقوع مليون و900 وفاة إضافية بفيروس "كورونا" حول العالم، إلى السيناريو "الأكثر ترجيحاً" الذي يفترض أن مواصلة الناس ارتداء أقنعة الوقاية واتّخاذ التدابير اللازمة للتخفيف من حدّة المخاطر ستبقى على حالها. وتشير التوقّعات نفسها إلى إمكان حدوث 38 ألف حالة وفاة في المملكة المتّحدة، في حين أن الهند والولايات المتّحدة والبرازيل قد تشهد العدد الأكبر من الوفيات في العالم.
ووضع الباحثون أيضاً نموذجاً لسيناريو يتناول احتمالين، الوضع الأكثر سوءاً لحالات الوفاة والوضع الأفضل، وقد جاء الفارق بينهما بمقدار مليوني وفاة إضافية في جميع أنحاء العالم.
ففي "الوضع الأفضل"، قدّم نموذج "معهد القياسات الصحّية والتقييم" توقّعاً لما يمكن أن يحصل إذا كان ارتداء القناع مطبّقاً على المستوى العالمي، وفي حال فرضت الحكومات تدابير أكبر في ما يتعلّق بالتباعد الاجتماعي إذا ارتفع المعدّل اليومي للوفيات لديها فوق عتبة ثماني وفيات لكلّ مليون شخص. ويتبيّن أنه في هذه الحالة، قد يصل العدد على مستوى العالم إلى نحو مليوني وفاة.
أما سيناريو "الوضع الأسوأ"، الذي يواصل فيه الناس استخدام الأقنعة بالمعدّلات الراهنة، وتستمر الحكومات في تخفيف شروط التباعد الاجتماعي، فقد توقّع المعهد أن تصل الوفيات إلى 4 ملايين.
ويرى الدكتور كريستوفر موراي أنه ما زال متّسع من الوقت من أجل التحرّك في اتّجاه التخفيف من انتشار الفيروس، لكنه حذّر من وجود "مقدار هائلٍ من الإجهاد الذي سبّبه وباء "كوفيد" على مستوى قادة الحكومات في العالم، بسبب الانكماش الاقتصادي في دولهم.
وذكّر موراي في تصريح يوم الجمعة، بأن أمراض جهاز التنفّس تصل إلى ذروتها في فصل الشتاء. وبالتالي، فإنه من المتوقع أن ينعكس هذا التأثير الموسمي على ارتفاع وتيرة انتشار "كوفيد - 19"
أما خبير الأمراض المعدية من "جامعة كولومبيا" جيفري شامان، فقال لصحيفة "واشنطن بوست": "إن كلّ ما يُطرح في الواقع يبقى من قبيل التكهن والتخمين لأن هناك عوامل عدّة لا يمكننا توقّعها لا سيما تلك المتعلقة بكيفية انتقال العدوى والتي لا يزال العلماء غير ملمّين بها بشكل تام".
وختم شامان قائلاً إن "ما سيحدث في الأشهر القليلة المقبلة مرتبط في الحقيقة بالسلوكيّات التي ستنتهجها مجتمعاتنا في الأسابيع القليلة المقبلة".