الوساطة القطرية بين الحوثي والشرعية تظهر للعلن
رأي المشهد العربي
ظهرت الوساطة القطرية بين الشرعية والمليشيات الحوثية الإرهابية إلى العلن في مأرب، ووجدت الدوحة نفسها مضطرة للتدخل بشكل أكبر في أعقاب تضييق التحالف العربي الخناق على المليشيات الحوثية خلال الأيام الماضية، وهو ما جعل القيادي الحوثي المدعو مهدي المشاط، يعلن عن مبادرته بشأن الحوار بإيعاز قطري من أجل تقسيم مناطق السيطرة والنفوذ داخل المحافظة.
عبَر خطاب المشاط الذي تحدث فيه عن مبادرة تحتوي على تسع نقاط مطالبًا بقبولها لإيقاف هجمات قواته، عن أن عمليات تسليم وتسلم الجبهات التي جرت خلال الأشهر الماضية كانت بتنسيق قطري وأن هروب الشرعية من مناطقها وتركها للأسلحة والمعدات للعناصر المدعومة من إيران أمر جرى التوافق حوله بما يدعم قوة تلك العناصر في الشمال بمقابل تفرغ الشرعية لمعاداة الجنوب عبر معسكرات التدريب التي جرى تدشينها في مأرب وتعز وشبوة.
يعد جوهر الوساطة القطرية في مأرب أنها ضمنت مكاسب مالية وسياسية للطرفين، إذ أنها نصت على إبقاء سيطرة السلطة المحلية التابعة لحزب الإصلاح الإخواني على مأرب، ووقف إطلاق النار الشامل في المحافظة، مع تخصيص إيرادات النفط والغاز لصرف مرتبات الموظفين وتزويد صنعاء ومناطق سيطرة المليشيات بالكهرباء من المحطة الغازية، وفتح الطرقات من صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين إلى مأرب وعدم اعتراض المسافرين.
تتعامل قطر مع كل من الحوثي والشرعية على أنهما ذراع واحدة لمواجهة المشروع العربي الساعي لإنهاء الأزمة اليمنية وتوظف الطرفين من أجل إرباك التحالف العربي وتحريف بوصلة المواجهة مع المشروع الاستعماري الإيراني بما يساهم في تقويته وضمان استمرار نفوذ طهران أطول فترة ممكنة.
ليس من الممكن إنجاح الوساطة القطرية في مأرب في ظل رغبة التحالف العربي بتقليم أظافر المليشيات في محافظات الشمال، ولا يتوافق مع الخطط الجديدة للتحالف التي تقوم على تصعيد العمليات العسكرية ضد المليشيات من أجل إرغامها على السلام، كما أن المبادرة القطرية تستهدف بالأساس مد الحوثي بالمشتقات النفطية لتعويضها عن تقلص الدعم الإيراني الوارد إليها خلال الأشهر الماضية على إثر التضييق الأمريكي على طهران.
تبرهن الوساطة القطرية على أنه لا أمل في الوصول إلى سلام في القريب العاجل، حتى وإن جرى التوصل لأي اتفاقات فإنها ستكون شكلية لأن هناك هدفا واضحا وهو استعداء الجنوب، وأن أي اتفاقات سوف تجري بين الحوثي والشرعية سيكون هدفها الأساسي هو السيطرة على المقدرات الجنوبية وإيجاد موطئ قدم للقوى الإقليمية المعادية من أجل بناء قواعد عسكرية في مناطق بحرية على حدود خليج عدن ومضيق باب المندب.
يمكن القول إن ظهور الوساطة القطرية في هذا التوقيت بمثابة دليل قاطع على أن هناك تحركات إقليمية تمنع تنفيذ بنود اتفاق الرياض الذي يستهدف تصويب بوصلة الشرعية وأن جهود المملكة العربية السعودية تواجه بمؤامرات تقوض الحل السياسي وهو ما يفسر إصرار المملكة والتحالف العربي أيضًا على تطبيق الاتفاق بكافة بنوده.