إشعال الحديدة ضمن مخطط عرقلة اتفاق الرياض
رأي المشهد العربي
كلما قطع التحالف العربي أشوطًا جديدة على طريق تنفيذ بنود اتفاق الرياض كلما تضاعفت وتيرة التصعيدات العسكرية من قبل مليشيات الشرعية أو نظيرتها الحوثية في مناطق متفرقة، وتكون تلك الجرائم بمثابة رسائل مباشرة على رفض أي حل سياسي من الممكن أن يساعد في إنهاء الأزمة وعدم إطالتها.
هناك وقائع عديدة تبرهن على ذلك الأمر منذ أن أقدمت الشرعية مرغمة التوقيع على اتفاق الرياض قبل عام تقريبًا، فبعد عملية التوقيع انخرطت الشرعية بشكل مباشر في عمليات تسليم جبهات الشمال تحديدًا في محافظة الجوف إلى المليشيات الحوثية الإرهابية، وبعد أن بدأ التحالف تطبيق أولى خطوات الاتفاق على الأرض واجهت الشرعية ذلك بتصعيد عسكري في أبين وحاولت مجددًا اختراق العاصمة عدن.
الأمر ذاته تكرر حينما أصرت المملكة العربية السعودية على تنفيذ الاتفاق بإعلانها آلية التسريع والتي جرى من خلالها التوافق على تعيين محافظ جديد للعاصمة عدن والإسراع في تشكيل حكومة كفاءات بالمناصفة، وبعد التوافق على الآلية السعودية شرعت الشرعية في بناء معسكرات تدريب الإرهابيين في شبوة ودشنت تحالفاتها مع التنظيمات الإرهابية لخرق اتفاق وقف إطلاق النار المتفق عليه في أبين.
خلال الشهر المنقضي والذي شهد تكثيفًا دبلوماسيًا وسياسيًا من قبل التحالف العربي والمجلس الانتقالي الجنوبي لتنفيذ الاتفاق، عمدت الشرعية على تسخين جبهة مأرب وأفسحت المجال للمليشيات الحوثية للتقدم لمناطق عديدة لم تكن خاضعة لسيطرتها، وعمدت على تحريك عناصرها الإرهابية من تعز باتجاه العاصمة عدن، بالتزامن مع تصعيد حوثي في جبهة الضالع اصطدم بقوة مسلحة جنوبية أخمدته في حينه.
بعد أن تواترت الأنباء بشأن قرب خروج حكومة الكفاءات إلى النور خلال الشهر الجاري، لجأت الشرعية إلى استخدام الطائرات المسيرة في أبين، وهو تصعيد عسكري غير مسبوق في المحافظة، وتزامن مع ذلك تصعيد حوثي غير مسبوق أيضًا في محافظة الحديدة والتي شهدت عمليات عسكرية طاحنة في أعقاب محاولة العناصر المدعومة من إيران اختراق الخطوط الأمامية للقوات المشتركة، بجنوب الحديدة.
لا يشكل اتفاق الرياض خطرًا داهمًا بالنسبة لمليشيات الإخوان المهيمنة على الشرعية فقط، لكنه بالدرجة ذاتها يشكل خطرًا مهددًا للمليشيات الحوثية، والتي لديها تحالفات خفية مع قوات الجيش اليمني وبالتالي فإن أي تغييرات في التركيبة السياسية أو العسكرية للشرعية تبعثر أوراقها وكذلك أوراق القوى الإقليمية التي ترعى التقارب بين الطرفين.
يبقى الهدف من التصعيد الحوثي في الحديدة لفت الأنظار لجبهة الساحل الغربي بعيدًا عن ممارسات الشرعية باتجاه الجنوب، مع توالي مراوغات الأخيرة على طاولة المفاوضات في الرياض وكذلك استمرارها في دفع عناصرها للنزوح باتجاه العاصمة عدن في محاولة لتغيير التركيبة الديموغرافية وإفشال جهود المحافظ أحمد حامد لملس، إضافة إلى توالي اختراقها لقرار وقف إطلاق النار في أبين.