إرهاب تركي بشعارات إنسانية
رأي المشهد العربي
لا يعد اختيار النظام التركي لجبهة شمال الضالع، للإعلان عن توزيع مساعدات غذائية من قبيل الصدفة، بل موقف كاشف عن الأطماع التركية المشتركة مع النظامين الإيراني والقطري في الجنوب.
السيناريو التركي يعتمد على تكرار المشهد في المناطق السورية والليبية والصومالية التي سيطرت عليها تركيا لاحقًا بعد تغلغل جهازها الاستخباراتي فيها عن طريق ذريعة المساعدات، لينتهي الموقف بإقامة قاعدة عسكرية تركية.
توظف تركيا أذرعها الحكومية ممثلة في الوكالة التركية للتعاون والتنسيق "تيكا"، وكذلك الهلال الأحمر التركي، من أجل إيجاد بيئة مواتية من الممكن أن تساعد نظام أردوغان على التمدد خارجيًا، وبعكس المنظمات الإغاثية العاملة في هذا المجال فإن المؤسسات التركية تحاول أن تغلف نشاطاتها الإنسانية بأبعاد أمنية تمكنها من اختراق المناطق التي فشلت في الوصول إليها عسكريًا.
لعل ذلك ما يفسر تسليم الوكالة التركية للمساعدات "تيكا" والتي لديها أنشطة استخباراتية في العديد من الدول العربية والإفريقية مساعدات لمطار عدن الدولي تتكون من كاميرات حرارية مدعمة بحواسيب قالت إن سيجري استخدامها في إطار مكافحة فيروس كورونا، غير أن تلك الأجهزة ليس لها دور عالمي على مستوى مكافحة الفيروس ولم تعلن أي من الدول الغربية الكبرى استخدامها.
بالنظر إلى الدور الإنساني التركي في الجنوب فإنه لم يكن له وجود يُذكر طيلة السنوات الماضية في وقت حاولت تركيا اختراق محافظات الجنوب بشتى الطرق سواء كان ذلك عن طريق المهرة أو حضرموت أو جزيرة سقطرى، غير أن محاولاتها لم تحقق المرجو منها تحديدًا بعد أن تلقت صفعة قوية في سقطرى بعد طرد مليشيات الإخوان التي كانت تُهيّئ الأجواء لإنشاء قواعد عسكرية تركية على سواحل الجزيرة بالقرب من قواعدها بالقرن الإفريقي وبالتحديد على سواحل الصومال.
وصول المساعدات التركية إلى الضالع التي تشهد مواجهات طاحنة بين القوات المسلحة الجنوبية والمليشيات الحوثية الإرهابية قد يكون مقدمة لاختراق المحافظة التي فشلت العناصر المدعومة من إيران في اختراقها طيلة السنوات الماضية، وبالتالي فإن رائحة إرهاب محور الشر ( الإيراني - التركي - القطري) تفوح بشدة خلف قوافل المساعدات التي يجب التعامل معها ومنعها في اقرب فرصة ممكنة.
لا يمكن التعامل مع مساعدات تركيا بالجنوب على إنها ذات أهداف إنسانية، لأنها في الوقت الذي تحاول فيه مد يدها إلى المواطنين الأبرياء تقتلهم باليد الأخرى عبر دعم التنظيمات الإرهابية التي تعيث فسادًا في الجنوب، كما أن الدولة التركية توالي العداء إلى الجنوب العربي بشكل مباشر وتشنُ حملات إعلامية غير مسبوقة على المجلس الانتقالي الجنوبي الذي استطاع أن يُوقف زحفها نحو محافظات الجنوب.
يدرك أبناء الجنوب السمعة السيئة لمنظمات الإغاثية التركية على مستوى العالم، وسط توقعات بمقاطعة مساعداتها التي تستهدف إلى السيطرة على مقدراتهم، ولعل حملة المقاطعة الشعبية السعودية ضد السلع التركية تنبئ بأنه سيكون هناك قطيعة عربية مع النظام التركي الداعم للإرهاب.