الشرعية بلا خيارات بعد عام من توقيع الاتفاق
رأي المشهد العربي
استنفدت الشرعية جميع خياراتها السياسية والعسكرية والإرهابية بعد عام من توقيع اتفاق الرياض ولم يعد أمامها سوى تنفيذ الاتفاق وتفعيله على أرض الواقع، وانعكس ذلك على تطورات تشكيل حكومة الكفاءات والتي تشير مصادر إعلامية عديدة إلى قرب الانتهاء من تشكيلها خلال الأيام القليلة المقبلة.
فشلت الشرعية طوال العام الماضي في إحداث أي تغييرات عسكرية على الأرض واستطاع أبناء الجنوب أن يحصَنوا العاصمة عدن من محاولات الاختراق العديدة التي جرت، ولم تتمكن المليشيات الإرهابية التابعة للشرعية من التقدم في محافظة أبين، وقادت بطولات أبناء الجنوب هناك إلى التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار، وبالرغم من اختراقه يوميًا من قبل هذه المليشيات لكن الرد الجنوبي يأتي سريعًا وحاسمًا، ما جعل الأوضاع تبقى كما هي من دون تغيير.
على المستوى السياسي لم تنجح الشرعية في إحراز أي أهداف في مرمى المجلس الانتقالي الجنوبي، بل على العكس فإن دبلوماسية الجنوب أثبتت للعالم أجمع أن الطرف المعرقل للاتفاق هو المليشيات، التي تُصر على التصعيد العسكري، وأن المشكلة الأكبر في تفتت الشرعية إلى تيارات مختلفة واختطاف قرارها بيد حزب الإصلاح الذي يعمل لصالح قوى إقليمية معادية، وهو ما انعكس على توالي المطالبات الدولية بضرورة تنفيذ الاتفاق ما يتفق مع رؤية التحالف العربي والمجلس الانتقالي.
أيضًا لم تستطع الشرعية إحداث أي تغيير على المستوى الشعبي لأن أبناء الجنوب ثبتوا مرات عديدة خلال العام الماضي على تأييدهم للمجلس الانتقالي والاتفاق ولم تتمكن أذرعها التي تحركت في محافظات الجنوب المختلفة من استقطاب المواطنين وبدت بلا ظهير شعبي يدعمها، ودفعها ذلك لأن تمضي في البحث عن أدوات أخرى لإفشال الاتفاق كان آخرها محاولة السيطرة على مقاعد قوى شمالية (حزب المؤتمر الشعبي العام) في الحكومة الجديدة.
يمكن القول بأن الشرعية قد تتمكن من إطالة أمد المباحثات الجارية حاليًا بشأن تشكيل الحكومة عبر مراوغاتها السياسية لكنها لن تستطيع الاستمرار على هذا الطريق طويلًا لأنها أضحت بلا أدوات قادرة على تغيير الوضع القائم حاليًا، لتكون مرغمة في النهاية على تنفيذ بنوده إذا لم تستطع القيام بأي اختراق جديد يمكنها من قلب موازين الاتفاق.
تمر الشرعية بحالة من الضعف تبدو واضحة في تعاملها مع الاتفاق لأنها لا تستطيع إعلان موقفها الرافض منه في ظل الضغوطات التي يمارسها التحالف العربي عليها، وفي نفس الوقت تجد نفسها غير قادرة على المضي قدما باتجاه تنفيذ بنوده لأنها تواجه ضغوطات أخرى من محور الشر "القطري التركي الإيراني" الذي انخرط بدعم تيار داخلها، ما يجعل تفتتها بشكل أكبر مما هي عليه الآن أمرًا مؤكدًا في المستقبل القريب.
بالرغم من عدم تنفيذ بنود الاتفاق حتى الآن، إلا أن المجلس الانتقالي الجنوبي يعد الطرف المنتصر في المعادلة الحالية لأن مواقفه واضحة ولم تتغير منذ أن جلس على طاولة المفاوضات العام الماضي، إلى جانب أنه أظهر قدرة فائقة في التعامل مع مراوغات الشرعية وإرهابها وأضحى الطرف الأكثر ثباتًا على الأرض.