جولة في عقل الحوثيين.. لماذا تُفشِل المليشيات جهود السلام الأممية؟
فيما تبذل الأمم المتحدة عبر مبعوثها مارتن جريفيث جهودًا ضخمة من أجل إحلال السلام في اليمن، فإنّ المليشيات الحوثية تواصل عرقلة هذه الجهود عملًا على إطالة أمد الحرب.
ففي خطوة برهنت على خبث نوايا الحوثيين، استبقت المليشيات الإرهابية اللقاءات المخطط لها أمميًا في مدينة الحديدة، بتصعيد جديد عبر قصف الموقع المقترح لعمل البعثة الأممية.
وتركّزت النقاش في اللقاءات التي استؤنفت مؤخرًا للبعثة الأممية، وفق صحيفة البيان، على عودة عمل لجنة تنسيق إعادة الانتشار وضباط الارتباط للمدينة، واختيار مقر محايد لعمل البعثة.
لكن في الوقت نفسه، استمرت المليشيات الحوثية في خرق اتفاق وقف إطلاق النار وتصعيد العمليات القتالية واستهداف التجمعات المدنية، كما أنها استبقت الاتفاق بقصف الموقع المقترح لعمل البعثة.
وعطّلت المليشيات الإرهابية عمل بعثة المراقبة الأممية منذ نحو عام تقريبًا، بعدما أقدمت على قتل أحد ضباط الارتباط وسط مدينة الحديدة، وفرض قيود مشددة على تحركات أعضاء البعثة.
ما يرتكبه الحوثيون هو إيذانٌ على ما يبدو برغبة هذا الفصيل الإرهابي في إطالة أمد الحرب أكثر من ذلك، عبر إفشال أي جهود أممية ترمي إلى إحلال تهدئة باتت منتظرة بشكل كبير للغاية، استنادًا إلى الأزمات الإنسانية المروّعة الناجمة عن الحرب.
وبات واضحًا أنّ المليشيات لن تنخرط أبدًا في مسار لتحقيق السلام، ولا أدل على ذلك من حجم الخروقات والانتهاكات التي ارتكبتها المليشيات لبنود اتفاق السويد الموقّع في ديسمبر 2018، والذي كان قد نُظر إليه بأنّه خطوة أولى على مسار الحل السياسي، لكن الخروقات الحوثية التي تخطّت الـ15 ألفًا أفرغت هذا المسار من محتواه، وجعلته أقرب ما يكون إلى حبرٍ على ورق.
إصرار الحوثيين على السير في هذا الطريق العبثي يعود إلى أنّ المليشيات تدرك وتقتنع بشكل كامل أنّ بقاءها مرتبط باستمرار الحرب، وأنّ التوصّل إلى حل سياسي سيفقدها الكثير من المكاسب التي حقّقتها خلال سنوات الحرب.
ولعل أهم المكاسب التي حقّقها الحوثيون هي الثروات المالية التي كوّنها قيادات المليشيات، عبر صنوف عديدة من الجرائم تمثّل أبرزها في فرض الجبايات والإتاوات على مختلف فئات السكان، فضلًا عن التمادي في جرائم النهب والسطو على الأموال والأراضي.
سبب آخر ربما يجعل الحوثيين بعيدين عن القبول بفكرة الحل السياسي، هو أنّ المليشيات تخوض في الأساس حربًا بالوكالة عن إيران، وبالتالي فإنّ "الأخيرة" تسعى إلى تغييب الاستقرار في المنطقة وضرب خصومها أمنيًّا، من خلال توسّع نفوذها أذرع في المحيط العربي، سواء الحوثيين في اليمن أو حزب الله في لبنان أو الفصائل الشيعية الأخرى في سوريا والعراق.
هذه الحقائق يجب أن يعرفها المجتمع الدولي جيدًا، ويكون على قناعة تامة بأنّ المليشيات الحوثية لا يشغلها إلا تحقيق مزيد من المكاسب، وأن حماية المدنيين من ويلات الحرب أمرٌ لم ولن يشغلها على الإطلاق.