الحوثية .. الضربات بين العيون
ربما لانبالغ إذا قلنا إن الأسبوعين الماضيين كانا الأسوء بالنسبة لجماعة الحوثي ربما باستثناء الأشهر الأولى من انطلاق عاصفة الحزم، اذ يبدو واضحا اليوم أن السفينة الحوثية - المهترئة اصلا - خُرقت من المقدمة هذه المرة.
شهد الأسبوع الذي سبق مقتل رئيس مجلس الحوثيين صالح الصماد مقتل أكثر من عشرة من قادة الجماعة ومن كبار القادة العسكريين والقبليين فيها، بفعل ضربات محكمة ومركزة من طائرات التحالف العربي، وجلهم إن لم يكن جميعهم من قيادات الصفوف الأولى في الجماعة، واختتم طيران التحالف أسبوع الصيد الثمين بقطف رأس الصماد، الذي قضى بعملية صيد مبهرة بكل المقاييس وبكل مراحلها بداية بالرصد الاستخباراتي والتتبع ونهاية بالتنفيذ الذي رآه الجميع بتصوير المقاتلة التي نفذت بتقنية وحرفية نستطيع وصفها بالمبهرة فعلا.
وبصرف النظر عن سيل التحليلات والمقالات التي أفاضت في الحدث وف يالعملية وفي الصماد نفسه ومدى قيمته وقياس مستواه ومكانته داخل الصف القيادي لجماعة الحوثي وماجنح إليه البعض من وضع راسه في ميزان معادلة (القناديل والزنابيل)، فإن عملية قتل الصماد شكلت منعطفا في كل الحرب الدائرة، إذ كشفت أن الحوثية التي تعتمد كل ما اعتمدته الحركات والجماعات الإرهابية الأخرى من قدرات عالية في التحرك والتخفي لقادتها، قد فقطت تلك القدرات، واذا مابقينا في هذا الإطار فإن مقارنة سريعة يمكن أن تعقد هنا للمرحلة التي تمر بها الحوثية اليوم بذات المرحلة التي مر بها تنظيم القاعدة في أفغانستان بداية القرن والعراق بعد ذلك، تنبؤنا ان الحوثية وصلت في نفقها المظلم إلى مرحلة الانكشاف وهي المرحلة التي يمكن إسقاطها على مرحلة تساقط قادة تنظيم القاعدة مثل الزرقاوي وابو أنس الليبي وصولا إلى قطف رأس أسامة بن لادن، ووصولا بعد ذلك إلى تشتت التنظيم الذي ظهر في مرحلة معينة انه غير قبل للإختراق والهزيمة، لكنه بعد الضربات التي تلقاها في الرأس اضمحل وتفكك وتشتت ليصبح مجرد تشنجات متفرقة مطاردة لاتستطيع من أمرها شيئا إلا ربما قتل مدني هنا او هناك كتسجيل حضور لا أكثر .
نحن اليوم – في قناعتي – أمام مرحلة شبيهة وهي قناعة مطعمة باحداث وأدلة ومقروءة جيدا، وكنت ابنيها في ذهني "طوبة طوبة" حتى قبل منامي ليلة البارحة، لأفيق اليوم على خبر مقتل عشرات القيادات العسكرية التابعة لجماعة الحوثي الإرهابية بقصف محكم آخر لمقاتلات التحالف استهدف اجتماعا ضم عشرات المشرفين الحوثة في صنعاء.. يا ألله ما الذي يحدث للحوثية؟. تساؤل أظن كثيرا من الأفواه فتحت وهي تنطق به في الأيام الأخيرة، إذ إن تراكم الاخبار جعل الامر لايحتاج في ذاته لكثير التحليلات أو حتى الحديث المنمق، فمن الجلي أن الحوثية اخترقت استخباراتيا في الرأس هذه المرة وأنها تتلقى ضربات في الأعلى ويمكن وصفها كما يقول العامة بأنها ضربات "بين العيون" .
ومرة أخرى لا أعتقد اننا نبالغ إذا قلنا إنها ضربات ما قبل القاضية وإنها جعلت الحوثية تترنح وسط أمواج عاتية، وأن ضربة حليفها السابق كانت بمثابة طلقة في القلب بالنسبة للانقلاب حتى وان تمكنوا بالطريقة الهمجية التي رأيناها جميعا من قتله، وآنذاك قلنا إن الحوثية انتصرت على صالح كشخص لكنها خسرت الإنقلاب الممكن لها من رقبة البلاد والعباد، ذلك أن خسرت حينذاك بفعل همجيتها امكانات كان الشريك يوفرها لها عسكرية وأهم من ذلك استخباراتية، لم ولن يكون للجماعة الارهابية الآتية من كهوف الجهل والاوهام ان تمتلكها ولو بعد مئة عام، وهي وإن بدت مسيطرة بالقبضة الحديدية وذلك لاننكرة إلا اانها فقدت الكثير وأهم من الكثير باتت تفقد النوعي من قدراتها وصولا الى مرحلة الانكشاف والتداعي التي تعيشها الآن.
ماحدث ويحدث في أسبوعين زلزل ويزلزل الجماعة الحوثية، وقظ مضاجع قادتها من الصفين الاول والثاني وجعلهم يتخبطون وهم يتركون منازلهم بحثا عن ملجا وسط حالة من الريبة والشكوك تسري بسرعة في عروق الجماعة وستصل بلا ريب الى الرأس .