علاقات المغرب وإيران.. لا يمنع حذرٌ من “غدر”
ظلت العلاقات بين المغرب وإيران مشوبة بالحذر الشديد من طرف الرباط، وتطبعها البراغماتية السياسية عند الجانب الإيراني، منذ تحسن العلاقات بين البلدين، عقب رفض طويل من الملك الراحل الحسن الثاني حليف شاه إيران المعزول.
وشهدت قبل ذلك توترًا شديدًا، على إثر منح المغرب حق اللجوء السياسي لشاه إيران المخلوع محمد رضا بهلوي، الذي كانت تربطه بالملك الحسن الثاني علاقات شخصية.
براغماتية إيران السياسية ورغبة المغرب في تجاوز الخلاف مع طهران، كانت محدد العلاقات بين البلدين، إلا أن ذلك لم يمنع من وقوع نظام الثورة في أخطاء اعتبرتها المملكة تجاوزات، لكن سرعان ما تطغى عليها الاعتبارات الدبلوماسية لتختفي.
التضامن مع البحرين
واستمر وضع علاقات البلدين على هذا النحو، حتى أدى اعتراض إيران على دعم المغرب للبحرين إلى سحب الرباط القائم بأعمالها في طهران في فبراير2009.
واعتبرت المغرب أن بيانًا رسميًا صدر عن إيران تعليقًا على رسالة تضامنية من الملك محمد السادس إلى نظيره البحريني، تضمن “عبارات غير مناسبة”.
وقطعت المغرب رسميًا علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، في مارس/آذار 2009، بعدما تجاوزت السفارة الإيرانية مهامها الدبلوماسية إلى محاولة نشر التشيع في المملكة.
وأعلنت الخارجية المغربية حينها قطع العلاقات مع طهران، واعتبار السفير الإيراني في الرباط شخصًا غير مرغوب فيه، بـسبب “محاولة السفارة تغيير الأسس الجوهرية للهوية المغربية، وتقويض المذهب المالكي السني الذي تتبناه المملكة”.
انتهاء القطيعة والفرصة الأخيرة
واستمرت القطيعة بين البلدين ستّ سنوات، بعد واقعة انتهاك إيران للخصوصية المذهبية للمغرب، والاعتراض على دعم البحرين، لكن الرباط أعطت فرصة جديدة فيما يبدو لتطبيع جديد للعلاقات بين الطرفين، عندما وقعّا في فبراير 2014 اتفاقًا مشتركًا للتعاون.
وسمّى المغرب بعد هذا التقارب حسن حامي سفيرًا له في العاصمة الإيرانية طهران، وباشر نظيره الإيراني محمد تقي مؤيد، مهامه سفيرًا أيضًا لدى الرباط، مطلع 2015، واستمرت العلاقات منذ ذلك الوقت مشوبة بالحذر.
وكان أول تواصل على مستوى عالٍ بعد عودة السفير الإيراني بشهر، حين بعث الملك محمد السادس، برسالة تهنئة إلى الرئيس حسن روحاني، عبّر فيها عن حرصه على “العمل سويًا من أجل إعطاء دفعة جديدة للعلاقات بين البلدين في المجالات ذات الاهتمام المشترك”.
ولكن يبدو أن الحدود التي رسمها محمد السادس، لم يلتزمها النظام الإيراني، لتعلن الرباط مساء اليوم الثلاثاء أنها ستقطع علاقاتها مع إيران؛ بسبب دعم طهران لجبهة البوليساريو، التي تسعى لاستقلال الصحراء الغربية.
وأعلن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي ناصر بوريطة للصحفيين، أن المغرب سيغلق سفارته في طهران وسيطرد السفير الإيراني في الرباط، مضيفًا أن إيران وحليفتها اللبنانية، جماعة حزب الله الشيعية، تدعمان البوليساريو بتدريب وتسليح مقاتليها.
وبقطع المغرب علاقاتها مجددًا مع إيران بعدما بُنيت على الحذر لفترات طويلة، بدا أنه في التعامل مع النظام في طهران لا يمنع حذر من “غدر” يبدر من إيران، أو من بعض الأذرع التابعة لها في العالم.