الحرب السياسية على عدن.. لؤلؤة الجنوب تحاصرها نيران الشرعية
فيما تتجه الأمور المعيشية والحياتية في الجنوب، وتحديدًا العاصمة عدن نحو المزيد من التأزيم في ظل حرب الخدمات الراهنة، فإن مؤامرة الشرعية الإخوانية يُنظر إليها بأنها تحركها دوافع سياسية، تستهدف في المجمل قضية الجنوب العادلة.
عدن تعيش تحت وطأة الكثير من الأزمات المعيشية ونقص حاد في تقديم الخدمات في القطاعات الحيوية، سواء الماء أو الكهرباء أو الوضع الصحي، فضلًا عن إتساع حدة الفقر على صعيد واسع في ظل إصرار الشرعية على وقف صرف المرتبات، في مجتمع لا يملك مواطنوه الكثير من الخيارات لتدبير احتياجاتهم ولوازمهم.
تفاقم حدة الأزمات المعيشية في الجنوب وتحديدًا في العاصمة تُقيِّمها القيادة السياسية المتمثلة في المجلس الانتقالي، بأنها تحمل دوافع سياسية، تستهدف القضية الجنوبية وتحاول زرع العراقيل أمام تحركات المواطنين نحو استعادة دولتهم.
وكثيرًا ما يؤكد الرئيس عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في أكثر من مناسبة، آخرها خلال لقائه مع نخبة من السياسيين والاقتصاديين والكتاب والصحفيين والأكاديميين، وقيادات المجتمع المدني، وممثلين عن الجمعية الوطنية للمجلس بالعاصمة، حرب الخدمات الدنيئة التي يتعرض لها الجنوب تعبر عن محاولة لإخضاع الشعب وحرف مساره الوطني والثوري المُتطلع إلى استعادة دولته كاملة السيادة.
وازدادت وتيرة الأزمات المعيشية مع إصرار الشرعية على عدم عودة حكومة المناصفة إلى العاصمة عدن بعدما غادرتها في مارس الماضي، علمًا بأن الحكومة المنبثقة عن اتفاق الرياض يفترض أن يكون هدفها الأول - وفق الاتفاق - الانخراط في مواجهة ناجزة مع الأزمات الحياتية التي تحاصر المواطنين.
وفيما تتحمل الشرعية مسؤولية كاملة عما آلت إليه الأمور، فمن الواضح أنها تحاول بشتى السبل إحداث حالة من الانقسام الجنوبي بين الشعب وقيادته، وذلك عبر محاولة تحميل المجلس الانتقالي مسؤولية تردي الأوضاع المعيشية في الجنوب، وتحديدًا العاصمة عدن؛ عملًا على تأليب الرأي العام ضد المجلس الانتقالي الجنوبي، وبالتالي فك التلاحم الذي اتسم به الجنوبيون على مدار الفترات الماضية، ومثّل حائط صد منيعًا في مواجهة مساعي الإخوان لاستهداف القضية الجنوبية.
اللعب على الوتر السياسي من قِبل الشرعية في هذا الجانب يتمثل في محاولة إلصاق الاتهامات بالمجلس الانتقالي الجنوبي بأنه يتحمل سبب تردي الخدمات وترويج مزاعم على شاكلة أنه يرفض عودة حكومة المناصفة لتباشر مهامها من العاصمة عدن، وذلك على الرغم من عديد الدعوات التي أطلقها "الانتقالي" على مدار الفترة الماضية لعودة الحكومة لإحداث حلحلة سريعة في ملف الخدمات، لكن في واقع الحال تعمل الشرعية على عرقلة عودتها.
وكان الرئيس الزبيدي قد أكد في مايو الماضي، أن عدم عودة الحكومة إلى عدن أو محاولة افتتاح مقار للوزارات خارج العاصمة يمثل محاولة لتعطيل اتفاق الرياض وخدمة للمشروعات المعادية للتحالف العربي وتقويضًا لجهوده.
الشرعية تحاول من خلال هذا السيناريو "المشبوه"، أن تُحدث إفشالًا سياسيًّا لمسار اتفاق الرياض مع إلصاق الاتهام بالمجلس الانتقالي، ومن ثم تجد لنفسها ذريعة لشن عدوان عسكري على الجنوب، يمكن المليشيات الإخوانية من فرض احتلالها الغاشم، ويستدل على ذلك بعمليات التحشيد التي تجريها مليشيا الشرعية لعناصرها المسلحة في محافظتي أبين وشبوة، تجهيزًا لساعة الصفر لشن العدوان.
التحشيد الإخواني المتواصل فسره الناطق باسم القوات المسلحة الجنوبية النقيب محمد النقيب قائلًا - في بيان - إن الشرعية الإخوانية تحرك هذه العناصر لإشعال جولة جديدة من الحرب في جبهات أبين لنسف اتفاق الرياض، مؤكدًا في الوقت نفسه، جاهزية القوات المسلحة الجنوبية للرد على أي أعمال عدائية.
كل هذه التطورات التي تجري على الأرض، وهي تحمل في أبعادها شقًا عدائيًّا طائفيًّا ضد الجنوب وشعبه، فهي في الوقت نفسه تمثل مؤامرة سياسية متكاملة الأركان ترمي إلى حرمان الجنوبيين من تحقيق حلم استعادة الدولة وفك الارتباط، ما يعبر عن أن بوصلة الشرعية تقوم على توجيه العداء ضد الجنوب بغية احتلال أراضيه ومصادرة حق شعبه في استعادة دولته، دون أن يشغل بالًا بالعمل على استعادة أراضيها من قبضة المليشيات الحوثية.
وازدادت وتيرة الاستهداف الإخواني للجنوب سياسيًّا، بعد عديد المكاسب التي حققها المجلس الانتقالي الجنوبي على مدار الفترات الماضية، والتي وضعت الجنوب طرفًا فاعلًا على الأرض، ونال "الانتقالي" الكثير من الإقرارات بأنه الممثل الشرعي والوحيد للجنوب، بالإضافة إلى الزخم الكبير الذي حازته القضية الجنوبية، وبلوغها أبعادًا إقليمية ودولية ربما تكون غير مسبوقة.