اختلالات إدارية تضرب تعز بفعل تمرد إخواني.. وجرائم الفساد تفجر الوضع
في واقعة تمثل محاولة لطمس أدلة على ارتكابها جرائم فساد واسعة النطاق، اقتحمت عناصر مسلحة تابعة لمليشيا حزب الإصلاح الإخواني مكتب الصناعة في محافظة تعز، وسرقوا محتوياته، ضمن بوادر تمرد إداري على صعيد واسع
فبعد أيام قليلة من إقالته، قاد مدير مكتب الصناعة السابق أحمد المجاهد جمعًا من المسلحين بلغ عددهم سبعة عناصر، لاقتحام فرع مكتب الصناعة والتجارة في شارع جمال بمدينة تعز.
وأشهرت العناصر الإخوانية، أسلحتها في وجه جنديي الحراسة وتم إجبارهما على فتح أبواب المكتب، ونهبوا وثائق خاصة، وعلى الرغم من إطلاع الجهات الأمنية بجريمة الاعتداء إلا أنها لم تتحرك لصد المسلحين.
يأتي هذا فيما أفادت مصادر مطلعة بأن "المجاهد"، هو أحد عناصر تنظيم الإخوان، يبدي اعتراضًا على قرار إقالته من المنصب، وتعيين نائبه عدنان الحكيمي بديلا عنه.
وبتوجيهات إخوانية، يرفض المجاهد، الذي أزيح من منصبه إثر اتهامات فساد، أن يجري عملية الاستلام والتسلم مع الحكيمي، ما ينذر بتصاعد وتيرة الأزمة في الفترة المقبلة.
ورجحت مصادر مطلعة، أن واقعة نهب الوثائق من المكتب تمثل محاولة من المدير المقال لإخفاء وطمس أدلة على ارتكابه جرائم فساد، تسببت في إزاحته من المنصب.
قرارات إقالة الفاسدين من محافظة تعز جاءت في أعقاب موجة احتجاجات متصاعدة، وشملت إلى جانب المجاهد، كلا من مدير عام فرع مؤسسة الكهرباء عارف عبدالحميد، ومدير عام مكتب النقل محمد النقيب، وهما محسوبان أيضًا على تنظيم الإخوان.
ويماطل المُقالون الثلاثة في إجراءات تسليم مناصبهم للمُكلّفين الجدد، في وقت صدرت فيه تعليمات إدارية مباشرة، لكافة الجهات الرسمية بإيقاف التعامل مع "الثلاثة"، وعدم اعتماد أي مذكرات بالختم القديم، والتعامل مع المدراء المعينين الجدد.
في المقابل، قال مدير عام المؤسسة العامة للكهرباء "المقال" عارف عبد الحميد، إن قرار توقيفه مخالف للقانون، واشترط أن يصدر القرار من وزارة الكهرباء التي تواصل معها وينتظر توجيهاتها.
وزعم عبد الحميد، أن تهم الفساد الموجهة ضده هي مجرد افتراءات، وأنه لم يتم إدانته أو إثبات هذه التهم عليه، على حد قوله.
وصدرت قرارات الإقالة، إثر توصيات قدّمها الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بعد مناقشات لملفات الفساد في المكاتب التنفيذية، بالتزامن مع احتجاجات تشهدها المحافظة تطالب بإقالة جميع المسؤولين الذين ثبت تورطهم في قضايا فساد.
ودأب حزب الإصلاح على ممارسة ما يمكن وصفه بالتمرد على قرارات السلطة المحلية، فسبق مثلًا أن رفض إقالة يحيى إسماعيل من منصبه مديرًا عامًا لمديرية المسراخ، وعمل الحزب الإخواني المسيطر على مفاصل تعز، على إكمال سطوة عناصره على القطاعات الإدارية.
كما أن محمد النقيب مدير مكتب النقل كان قد صدر قرار بإقالته قبل عامين وإحالته للنيابة العامة على خلفية تهم فساد، لكنه ظل في منصبه دون حدوث أي شيء، حتى صدر قرار جديد بإقالته، في خطوات تفسرها مصادر مطلعة بأن القول الفصل لمثل هذه القرارات الإدارية يعود للقوة العسكرية الإخوانية المسيطرة على الأرض، والتي يحتمي بها العناصر الإخوانية في مواقعهم.
ما يبرهن على ذلك أن قوات محور تعز أغلقت المؤسسات الحكومية في تعز الأسبوع الماضي، في أعقاب قرارات إقالة المدراء، كما أن سلطات تعز الاخوانية ممثلة في الوكيل عارف جامل وقائد المحور خالد فاضل، تفاوضت مع هذه المجاميع لدفع أموال لها من موارد المحافظة مقابل فتحها للمكاتب التي أغلقتها دون تطبيق أي عقوبات.
واتفقت قيادة اللواء 22 ميكا مع جامل وفاضل على انسحاب العناصر المسلحة من المكاتب الحكومية، مقابل تخصيص جزء من موارد المحافظة لها بالإضافة إلى تسليم مبلغ مالي فوري لها.
بشكل عام، ساهمت السطوة الإخوانية بشكل مباشر، في تفاقم حدة جرائم الفساد، وهو ما تزامن معه تردٍ كبير في الأحوال المعيشية، أحدثت موجة غضب عارمة ضد سلطة حزب الإصلاح في المحافظة.
وتحت زعم فك الحصار الحوثي المفروض على مدينة تعز، فرضت مليشيا الشرعية الإخوانية، إتاوات وجبايات بلغت حد نهب ومصادرة تبرعات الموظفين، إلا أن هذه الأموال ذهبت إلى خزائن الإخوان وباتت وسيلة لتكوين الثراء الكبير.
وسبق أن أعلنت السلطة الإخوانية في تعز عما أسمته نفيرًا عامًا وتعبئة عسكرية لمواجهة الحوثيين، وزعمت تسخير كافة الجهود المالية والشعبية في سبيل ذلك، بما فيها استقطاع أقساط من مرتبات الموظفين المدنيين بتعز، دون أن يحدث على الأرض شيء.
ورغم أن تقديرات السلطات الإخوانية في تعز بأن ما تم توريده من مبالغ لحساب المحور العسكري واللجنة المالية حتى نهاية شهر أبريل الماضي بلغ ما يقارب مليار ريال، إلا أن معلومات تكشفت عن أن هناك مبالغ ضخمة ما زالت لم تورد من مديريات محافظة تعز، ما يعني أن المبالغ التي تم تجميعها أكبر بكثير، وصودرت من وراء جرائم الفساد.