التحالف المنزوع من الدسم
د. عيدروس النقيب
- القرصنة ليست دعماً للقضية الفلسطينية
- القضية الجنوبية ومعضلة الخط المستقيم(1)
- لحظات في حضرة اللواء الزبيدي
- بين عبد الملك ومعين عبد الملك
تواصلت التسريبات خلال الأيام الماضية عما سمي بـ"التحالف الوطني الجنوبي" الذي تقول التسريبات أن من المزمع الإعلان عنه خلال الأسابيع وربما الأيام القليلة المقبلة، ومثل كل التسريبات لم يقل المسربون شيئاً عن تفاصيل مكان وطريقة إعلان هذا التحالف ولا عن كيفية اختيار قياداته ولا عن آلية عمله المزمع.
كل ما تقوله التسريبات هو أن هذا التحالف سيتبنى سياسات الشرعية القائمة على مخرجات الحوار الوطني وفي أساسها الدولة الفيدرالية بستة أقاليم، وهي المخرجات التي رفضتها كل أطراف الحوار شماليين وجنوبيين، ما عدا الرئيس هادي وعدد قليل من المحيطين به مؤقتا
ومن بين التسريبات ما أورد بعض الأسماء الجنوبية بعضها لها تاريخ محترم لم تقبل على نفسها أن تكون أدوات بيد العابثين والمتلاعبين ونأت بنفسها عن التورط في المسارات الملتبسة، . . . أتحدث هنا عن شخصيات مثل الرئيس علي ناصر محمد والوزير محمد علي أحمد وآخرين أما وزراء حكومة بن دغر ومؤيديها فهم لا يختلفون عمن استجلبوهم على عجل باسم الجنوب ثم نكثوا بتعهداتهم للرئيس ومؤيديه واختاروا الحوثي وعفاش وما بن حبتور وبا راس وبا قزقوز والقنع والديني وعلياء الشعبي وقاسم لبوزه إلا نماذج لحالات كثيرة منتشرة بطريقة بكتيريائة في الحياة السياسية اليمنية والجنوبية على وجه الخصوص.
شخصيا ليس لدي أي تحفظ على حق الناس "الحر" في تنظيم انفسهم في كيانات أو أحزاب أو تحالفات كما يشاؤون لكن ما أود التعرض له هنا هو الجزئيات التالية:
1. سيكون من الغريب والمفارقة أن مخرجات الحوار الوطني وأقصد هنا حكاية الفيدرالية بستة أقاليم قدرفضتها كل القوى السياسية الشمالية، فقد رفضها الإصلاحيون كما رفضها الحوثيون، ورفضها المؤتمرين من أنصار الرئيس هادي، كما رفضها المؤتمريون أتباع عفاش، ولم يبق مؤيداُ لها إلا الرئيس هادي وبعض المحيطين به مؤقتاً وقد يعلنون رفضهم لها كما عرف عنهم من تقلب المواقف والتنقل فيها، وسيكون من العجيب أن هذه المخرجات يرفضها الشماليون بكل مكوناتهم ويتمسك بها من يدعون أنهم يمثلون شعب الجنوب الذي له قضية دونت في عشرات المجلدات أثناء فترة الحوار الوطني ورفضها الجنوبيون حينها لأنها لم تستجب للحد الأدنى من تطلعاتهم، ثم يأتي اليمن من ينتحل تمثيلهم ليعيد لهم ما رفضوه منذ خمس سنوات قبل الغزو الثاني وقبل استشهاد الآلاف من شباب الجنوب رفضا لاستمرار التبعية ونتائج الغزوين الأول الثاني.
2. لا أدري ما حاجة الرئيس هادي إلى كيانات جديدة مصطنعة ومطبوخة على عجل يخسر عليها الشيء الفلاني مما يمكن إنفاقه لشراء أدوية وتغطية رواتب الموظفين وتحسين الخدمات بينما لديه الأحزاب والتحالفات والتجمعات ما يغنيه عن كل هذه الحركات التي ينصحه بها من يحرصون على جعل الفشل رديف لاسمه من المستشارين والوزراء والناصحين غير المخلصين إلا لمصالحهم واستثماراتهم المتعددة.
3. إن معظم من وردت أسماؤهم في قائمة هذا التحالف يؤاخذون الجنوبيين على استخدامهم مفردة الجنوب ويتهمونهم بالانفصالية لسبب حديثهم عن ثنائية (الجنوب والشمال) ومجرد تسمية التحالف بـ"الوطني الجنوبي" يؤكد إقرارهم بحقيقة "الجنوب" و"الوطن الجنوبي" التي يحاولون إنكارها والتهجم على من يقولون بها، وهي حالة انفصامية لا يمكن فهمها أو تفسيرها.
4. من الواضح أن القائمة التي سربت كمشاركين في الائتلاف تضم جماعات وتجمعات من كل لون وشكل، وهذا امر محمود، لو إنه يبنى على أساس وجود قواسم مشتركة حقيقية، لكن ما يثير الاستغراب هو عدم الاتعاض من تجربة حوار ٢٠١٣م حينما دخل الجنوب (أو بالأصح أدخل باسم الجنوب) أكثر من مائتين وسبعين متحاور انسحب بعضهم وهرب بعضهم بسبب عدم القناعة بالطريقة التي تعالج بها القضايا وخصوصا القضية الجنوبية، وذهب بعضهم مع صالح وتحالف بعضهم مع الحوثيين، ولم يبق مع الرئيس هادي إلا ممثلي الأحزاب التي ساهمت في تدمير الجنوب وغزوه ففي العام 1994م وواحد أو اثنان واحسب ان هذا سيتكرر وبشكل أسوأ مع التحالف الجديد الذي يضم مختلف الأصناف من السليمة و"المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع".
وأخيراً النصيحة للرئيس هادي: أن أخطر ما يمكن شراؤه هو البضاعة رخيصة الثمن التي يمكن أن يبيعها صاحبها في أقرب سوق عندما يجد من يدفع أكثر، علما بأن كل الذين يعلنون ولاءهم لك وتأييدهم للأقاليم الستة، لا يستطيعون إقناع افراد أسرهم بما يدعونه من قناعات تتعلق بتأييدهم لك وأخيرا أنت لا تستطيع تمرير مشروعك عبر النخب قليلة التأثير ضعيفة الحضور مقابل تجاهلك الملايين التي لا تكترث كثيرا لما يقوله هؤلاء طالما لا يعبر عن تطلعات هذه الملايين.
نحن لا نطلب منك أن تختار أي حزب أو شكل سياسي محدد، لكننى نتمنى أن تستمع إلى الملايين وحدها واعرف ماذا تريد، وتخلص من الاعتقاد أن صالح نجح في خداع الناس ثلث قرن لأنه كان يمارس الاحتيال وتزييف الإرادات والإمساك بعلية القوم ليتحكم في ملايين المواطنين، أولا لأن الجنوب ليس فيه "علية" وغير علية، وثانيا لأن هذه "العلية" تخلت عن صالح حينما حانت لحظة الحقيقة، رغم ما قدمه لهم من خدمات، فافعل شيئا للجنوب حتى يكون وفيا معك ويتذكرك تذكارا جميلاً بدلاً من اللجوء إلى الخداع والتحايل على الشعب الجنوبي.
والله من وراء القصد