مبعوث أممي جديد.. السلام يبدأ من الجنوب
رأي المشهد العربي
أحسن المجلس الانتقالي الجنوبي استقبال قرار الأمم المتحدة تعيين الدبلوماسي هانس جروندبيرج، مبعوثا أمميا جديدا إلى اليمن، خلفا للمبعوث السابق مارتن جريفيث.
المجلس أعرب، على لسان متحدثه علي الكثيري، عن تطلعه للعمل مع المبعوث الأممي لإنجاح جهود تحقيق عملية سلام شاملة وعادلة، تمكّن شعب الجنوب من تحقيق تطلعاته وأهدافه الوطنية وإرادته المشروعة.
وفي الوقت نفسه أعرب عمرو البيض، الممثل الخاص لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي للشؤون الخارجية عن تطلع المجلس إلى تعاون وثيق مع الأمم المتحدة لتحقيق السلام والاستقرار في الجنوب العربي واليمن.
ينطلق المجلس الانتقالي في رغبته الجادة نحو تحقيق السلام والاستقرار من إيمان عميق بحقوق شعب الجنوب في الاستقرار والعيش الآمن، وتقرير مصيره، واستعادة دولته المستقلة ذات السيادة، وحماية مقدراته الوطنية وثرواته، والتخلص من أعباء الحرب التي أشعلها الحوثيون الإرهابيون المدعومون من إيران على مدى أكثر من ست سنوات، بالإضافة إلى نفض آثار الانتهاكات والاعتداءات والخيانات التي تفننت فيها الشرعية الإخوانية الإرهابية ضد الجنوبيين لحساب الحوثيين الإرهابيين المدعومين من إيران، مقابل أغراض شخصية ضيقة.
والمبعوث الأممي الجديد إلى اليمن لم يكن بعيدا عن الصراع، فقد شغل منصب سفير الاتحاد الأوروبي في اليمن، وعايش الجهود الدولية المبذولة لإنهاء الأزمة وشارك في جوانب مهمة من تلك الجهود.
ويتميز جروندبيرج برؤية خاصة تجاه الصراع تقوم على أن السلام ممكن دائما طالما وجدت الإرادة السياسية، وأنه يمكن للحرب أن تنتهي ليسود السلام والازدهار في حالة وجود إرادة سياسية وشجاعة لدى الأطراف المعنية.
رؤية جروندبيرج يمكن البناء عليها لحلحلة الأزمة، والوصول من خلالها إلى نتائج جادة إذا التزمت الأطراف المعنية عدة أمور مهمة، أولها وأبرزها إقرار جميع الأطراف بحق المجلس الانتقالي الجنوبي في المشاركة في أي مفاوضات أو اتفاقات أو أنشطة تستهدف إنهاء الأزمة، باعتبار المجلس الممثل الشرعي لشعب الجنوب المفوّض من الشعب بالدفاع عن قضيته وحماية حقوقه المشروعة.
وقد خطا المجلس الانتقالي الجنوبي خطوات واسعة بالقضية الجنوبية، ونقلها من المستوى المحلي إلى المستوى العالمي، وأجرى العديد من المباحثات والزيارات الدولية لشرح أبعاد القضية، ولم يعد مقبولا بأي حال إجراء مفاوضات أو عقد اتفاقات تمس مستقبل دولة الجنوب العربي دون أن يكون المجلس الانتقالي الجنوبي طرفا أصيلا مشاركا فيها.
ولا تخفى أهمية "اتفاق الرياض" الذي وقعه المجلس الانتقالي الجنوبي مع الشرعية الإخوانية، برعاية المملكة العربية السعودية، والذي ينص على مشاركة المجلس الانتقالي ضمن وفد التفاوض المشترك في عمليات الحل والسلام الأممية. ولاتزال الشرعية الإخوانية تراوغ بوسائل شتى لمنع تنفيذ الاتفاق، خاصة المواد التي تضمن حق الجنوب في المشاركة بالمفاوضات، ممثلا بالمجلس الانتقالي.
قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي أكدت في مناسبات عديدة استعداد المجلس للمشاركة في مفاوضات حل الأزمة باعتباره الممثل الشرعي للجنوبيين. وحذر المجلس الانتقالي من فشل المفاوضات التي لا يشارك بها شعب الجنوب، وأنّه سيكون في حلٍ من أي التزامات بها.
ينبغي أن يدرك المبعوث الأممي الجديد أن مشاركة قضية الجنوب بممثلها المجلس الانتقالي في المفاوضات الخاصة بحل الأزمة ضرورة لا غنى عنها لإنجاح كل الجهود وعلى رأسها الجهود الأممية، وأن محاولات أي أطراف أخرى لاستبعاده إنما هي في الحقيقة مؤامرة خبيثة لإطالة أمد الأزمة، والحيلولة دون تحقيق سلام المنطقة واستقرارها، تنفيذا للأجندات الإرهابية التوسعية الطائفية لثلاثي الشر: إيران، وتركيا، وقطر.
وعلى المبعوث الأممي الجديد أن يعي الدرس جيدا من تجربة سلفه الذي عانى كثيرا من ألاعيب الحوثيين الإرهابيين وصلفهم، وتسويف الشرعية الإخوانية ومراوغاتها، وسعيهما معا لإضاعة الفرصة تلو الأخرى، إمعانا في نهب ثروات المنطقة، وتهديد أمنها وسلامها واستقرارها، والتحكم في مقدراتها خاصة ما يتصل بالنفط والملاحة البحرية.
وإذا كان جروندبيرج وصف، خلال فترة جريفيث، إمكانية تحقيق السلام بأنها قائمة في ظل الجهود التي يرعاها المبعوث الخاص للأمم المتحدة، فقد آل إليه الأمر كله، وينتظر العالم منه نتائج ملموسة تجنب المنطقة كلها مخاطر الإرهاب والتوسع والهيمنة.
وسيجد المبعوث الأممي الجديد من المجلس الانتقالي الجنوبي مواقف جادة مسؤولة تنطلق من عدالة قضية شعب الجنوب، وحقوقه التي يتمسك بها، ويصر على الحفاظ عليها مهما تكن التضحيات والأعباء.