انتصار الجنوب.. وفشل الشرعية في السلام والحرب

السبت 21 أغسطس 2021 18:00:47
انتصار الجنوب.. وفشل الشرعية في السلام والحرب

رأي المشهد العربي

في هذه الأيام من العام 2019 كان المجلس الانتقالي الجنوبي يسطر أروع الأمثلة في الدفاع عن قضية الجنوب ضد ممارسات الشرعية الاحتلالية المدعومة من المليشيات الحوثية المدعومة من إيران وذلك بعد أن طرد المجاميع الإرهابية من العاصمة عدن وأحبط مؤامرة قوى الشمال التي استهدفت غزو الجنوب والسيطرة على مقدراته ووضع مزيد من العراقيل أمام التحالف العربي والقوات الجنوبية في التعامل مع الحرب الحوثية.

لم تستطع الشرعية الإخوانية أن تحقق أهدافها عبر تصعيد العمليات العسكرية والجرائم الإرهابية ضد الجنوب لأنها لم تتمكن من الوصول إلى العاصمة عدن مجددا وواجهت مقاومة صلبة من القوات المسلحة الجنوبية في جبهة أبين ولم تستطع فرض سيطرتها بشكل كامل على محافظتي شبوة وحضرموت ووجدت نفسها محاصرة شعبيًا برفض شعبي واحتجاجات تتزايد حدتها بين الحين والآخر، وخسرت مواقعها في محافظة أرخبيل سقطرى التي تطهرت من سلطتها الغاشمة.

كان هدف الشرعية من التصعيد الذي حدث في العام 2019 إيجاد موطئ قدم يوازي ثقلها الذي فقدته في الشمال ففي ذلك الحين بدأت مخططات تسليم الجبهات للمليشيات الحوثية الإرهابية، برعاية أطراف إقليمية معادية ( قطر وتركيا وإيران)، لكن أهدافها لم تتحقق، واصطدمت بقوة سياسية وعسكرية وشعبية على الأرض جعلتها مستمرة في محاولة تحقيق هدفها من دون أن تصل إليه وهو ما تسبب في إنهاكها وإضعافها على نحو أكبر.

استعانت الشرعية الإخوانية بكافة التنظيمات الإرهابية لمواجهة الجنوب ولم تعد الطرف الأقوى في المعادلة بعد أن سلمت قواتها لهذه التنظيمات التي تتحكم في قراراتها وتوجهاتها، وأضحت مجرد مليشيات تستعين بالمرتزقة لتحقق انتصارات عسكرية بدلا منها، واختبأت عناصرها في الصفوف الخلفية وجرى تقديم عناصر تنظيم القاعدة ليكونوا في الصفوف الأولى، لكن في النهاية ظل الجنوب محافظًا على تماسكه.

مثلما فشلت الشرعية في الحلول العسكرية والجرائم الإرهابية فشلت أيضًا في السلام والحلول السياسية، ففي بداية الأمر رفضت الاستجابة لدعوة المملكة العربية السعودية للدخول في مفاوضات مع المجلس الانتقالي الجنوبي تمهيدا للتوقيع على اتفاق الرياض، ثم وافقت مرغمة على الحوار، وحاولت عرقلة المباحثات مرات عديدة، قبل أن تجد نفسها مضطرة أيضًا للتوقيع عليه، وعلى مدار عامين عطلت الشرعية تنفيذ بعض بنوده وحينما فشلت عسكريا وافقت على تشكيل حكومة المناصفة ثم أفشلتها مجددا.

لا تجد الشرعية في الجنوب سوى الفشل والهزائم المتكررة ومزيد من التفكك والانكشاف أمام التحالف العربي والمجتمع الدولي، وهو ما ينبئ بنهايتها عاجلا أم آجلا، لأنها لن تستطيع أن تستمر في هذا الفشل فترات طويلة حتى وإن استعانت بالتنظيمات الإرهابية والقوى الإقليمية الداعمة التي لن تجد طرفًا متماسكا على الأرض من الممكن أن تدعمه، في حين أن هناك شعب يؤمن بقضيته ولديه إصرار على نصرتها والتخلص من قوى الاحتلال التي تستولي على مقدراته وتسعى للوقوف حائلا أمام طموحاته في استعادة دولة الجنوب كاملة السيادة.

يمكن القول بأن خضوع الشرعية لأطراف إقليمية وتنظيمات إرهابية عديدة مع عدم تحقيقها نجاحات تذكر على الأرض سوف يحولها إلى ورقة محروقة لن يكون مجديًا استخدامها مجددا لتنفيذ خطط هذه الأطراف، وهو ما يجعلها أكثر رغبة في الانتحار بتصعيد جرائمها وحروبها ضد الجنوب وإطالة أمد الصراع أطول فترة ممكنة حتى تكون في معزل عن أي حلول سياسية لن تحقق من خلالها أي مكاسب تذكر.