#حدوثة!

انا وتهامة و(الفوبيا)

في أحدى أيام عام 92م وفي صنعاء جمعني أبن عم لي، في مقيل شيخ (مأربي) وفي ضيافته مع مجموعة من مشايخ الهضبة الزيدية، وكنت يومها اسمع أحاديثهم وكان (أبن عمي) يصحح لي بعض المفاهيم التي كانت تستعصي عني، كان - حينها، الحديث والجدال بين هؤلاء المشايخ عن البسط على أراضي تهامة، وقانونه، وادوات، (حراثة + شيول+ ورقة من على محسن + فرقة بلاطجة)، وبحسب فهمي انهم كانوا في تسابق محموم على أراضي تهامة، ففيما البعض منهم يتباهي بكونه قد (برّد كم كيلو متر !) من ما انتزعه وصار تحت أيديه (حق للباسط)، ويباهي ان قد حفر فيها بئر ارتواز أو أكثر، بل ووظف فيها أسره من ابناء تهامة كفلاحين (شقاة في أرضهم) عند المالك الباسط. والآخر في جدال على تقاسم بقعة (بيضاء) أخرى، مع جاره في المقيل (جدال بملاطفة).

خرجت يومها مكتئباً الى أبعد مدى من ذاك المقيل، وتكون لدي إنطباع ان تهامة وأبنائها تعيش حالة هزيمة منذ عقود طويلة؛ وان هذه الهزيمة لم ولن تخرج منها الا بثورة تهامية تعزز شخصية أبن تهامة وتعيد إليه ثقته في نفسه، وثقة قبائل تهامة بنفسها.

وظل مصير تهامة وما آلت إليه حالة الناس فيها، تشكل هاجس مرعب لدى بل و(فوبيا) وتعزز خوفي كثيراً، ان يصبح الجنوب ككل (تهامة جديدة) خاصة بعد غزو الجنوب وإحتلاله في 94م، وما حصل من تسابق على اراضي محافظات الجنوب، وكل يوم يزداد خوفي، خاصة وان الأدوات نفسها التي وجدتها يوم ذاك المقيل، قد صارت في مساحات محافظة عدن وفي شبوة وحضرموت، تنهش الهكتارات، ولم يزول عني الخوف تدريجيا الا بعد قيام ثورة الجنوب السلمية (الحراك الجنوبي).