ما لم يقُله رئيس الانتقالي

هل هناك من شيء لم يقله رئيس المجلس الانتقالي في حديثه لسكاي نيوز ؟ لقد قال الزبيدي ما يجب أن يُقال في إطار المسموح به للتداول ، حول موضوع التحرير وأدق تفاصيله، والقوى التي شاركت به وهويتها الجنوبية الخالصة، ونفى صحة تقولات بعض القوى المرتبطة بتيار الإخوان، حول مشاركتها بإنجاز ملحمة بيحان، ومحاولتها سرقة أو حتى اقتسام النصر مع أصحابه الحقيقيين. الواقع أن ماذهب اليه من استخلاص هو حقيقي تماما، وهو أن الجيش اليمني قد أنتهى عند سقوط صنعاء بيد الحوثي، وإن ما تم تشكيله لاحقا هو عبارة عن تجميع للمليشيات الإخوانية، في إطار مسمى غير حقيقي يحمل بزة الجيش ، في مظهره الخارجي، فيما بقيت هويته عقائدية وهيكليته القيادية ذات طابع حزبي غير عسكري احترافي، وأن مثل هكذا قوة كانت سببا في تكسر الجبهات وتهاويها بزمن متسارع وبثمن غير مُكلف بيد الحوثي. أهم ما جاء في حديث القائد الانتقالي الأول، هو تصويب المفاهيم وإعادة صياغة معادلة، كان يجري القفز عليها لأسباب تتصل بالتعبئة، والشحن وشد العصب الجغرافي، حقيقة أن قضايا الصراع متداخلة بين الشمال الجنوب، وأن مناطق الشمال هي عمق الجنوب الإستراتيجي، وأن لا معنى لأي انتصار ما لم يتم تحرير محافظات الشمال بمشاركة القوات الجنوبية، وهي المؤسسة العسكرية الوحيدة الفاعلة في ساحة المواجهة الميدانية حتى الآن. هناك ارتباك حقيقي يضعنا فيه الأداء المتعثر حد الخيانة، لما يسمى بالجيش الوطني، وطرح جملة المخاوف حول مدى جدية هذا المكون العسكري ،في خوض عملية التحرير من عدمها ، وحول إولوياته هل وجد من أجل الوطن أم لتكريس وتمكين الجماعة ، وهل يحمل خصومة حقيقية للحوثي، أم يعمل معه من خلال قنوات سرية ضد عدوهما المشترك، الجنوب كمشروع والانتقالي كحامل سياسي له، وبالتبعية الإمارات وبالمجموع دول التحالف؟ ومع هذا الارتباك في تحديد ماهية تلك القوات الواقعة تحت سلطة إخوان الشرعية، يبقى لا خيار سوى القول بضرورة الزج بها في معارك التحرير بقيادات جديدة محترفة، وبمرجعية عسكرية مهنية غير عقائدية، ووضعها أمام اللحظة الكاشفة مرة أُخرى، بعد أن سلمت كل الجبهات في وقت سابق. القوات في حضرموت وشقرة وأجزاء من أبين، مكانها الطبيعي وفق اتفاق الرياض ، مأرب والبيضاء، والشعار الواجب تصويبه تحرير صنعاء لا إعادة خوض معارك تحرير المحرر في عدن، وكذا ذات القول بشأن محور تعز، وقوات الحشد والغاء الأمر العملياتي غير المعلن، بغزو الجنوب والاستعاضة عنه بتحرير تعز وإب والساحل الغربي. هل قال رئيس الانتقالي في حديثه المتلفز، كل شيء؟ بالعودة إلى جديد حديث الزُبيدي، حول وحدة وترابط المعركة ضد عدو واحد، يهدد الشمال والجنوب على حد سواء، هو توصيف في منتهى الصوابية، وهو رد على بعض المفاهيم الإنكفائية الإنعزالية ، ولكنه يعيدنا لطرح السؤال الوارد في مطلع هذه التناولة : هل هناك تفاهمات سياسية مع التحالف ودول القرار، لما بعد إسقاط الانقلاب ،وموقع الجنوب من معادلة التسوية ، وهل مشاركة القوة الجنوبية تأتي في سياق سياسي، يقر بحقوق الجنوب ويضع تصوراته لحلها ، خارج الإستثمار العسكري اللحظي، لإنتصارات يراد منها البعض جعلها بلا مكاسب سياسية، تعود مفاعيلها على الجنوب؟. أتصور أن قول رئيس الانتقالي حول ترابطية معركة الشمال والجنوب، له ما بعده ، وإشارة كتلك هي رأس جليد التفاهم الظاهر ، فيما قاعدته تبقى لضرورات السياسة، تُدار بكثير من الحصافة والتكتم، وخارج شاشات التلفزة والتصريحات المعلنة. نعم هناك معركة تُخاض شمالا بضمانات ذات صلة بملف الجنوب.