انتصارات شبوة ومستقبل الجنوب
ياسر اليافعي
- الريال اليمني ينهار وغياب الحلول يعمق الأزمة!
- التحالفات غير الوطنية، طريق الحوثيين إلى السلطة!
- ما الفائدة من حضور الرئيس الزبيدي في الأمم المتحدة؟
- علي عشال الجعدني
سعت قوى النفوذ الشمالية منذ حرب 1994 الى السيطرة على شبوة وعززت حضورها في كافة المديريات وعلى كافة الاصعدة بهدف السيطرة على ثروات ومقدرات المحافظة وعزلها عن محيطها الجنوبي.
ولم تكتفي هذه القوى بذلك بل جعلت من أبناء المحافظة الغنية بالنفط وذات الموقع المهم مشردين في الخارج، مارست ضدهم التجهيل المتعمد والحرمان من الوظيفة العامة، وتعمدت احياء قضايا الثأر والنزاعات القبلية، وحولت المحافظة الى مسرح كبير لتحركات عناصر تنظيم القاعدة، وكل ذلك بهدف نهب ثروة المحافظة وتفتيت الجنوب وتقاسمه بين هذه القوى.
وعلى الرغم من الصراع الذي شهده شمال اليمن بعد عام 2011 او ما سمي ثورة شباب اليمن، ظلت قوى النفوذ مسيطرة على المحافظة ولا سيما المناطق النفطية، ولم تشارك في حروب او صراع بيني، حتى عندما احتلت مليشيا الحوثي محافظة شبوة في العام 2015 لم تدخل في اشتباك مع القوات التي تحرس حقول النفط، وكذلك عند مغادرتها المحافظة في العام 2017 وعند العودة اليها قبل شهرين .
وبعد تدخل التحالف العربي ضمن مشاركته في عاصفة الحزم في العام 2015 ادرك أهمية شبوة وتأمينها وتحصينها من سيطرة قوى التطرف المدعومة من الخارج الاخوان المسلمين ومليشيا الحوثي، حيث أسس ما يعرف بقوات النخبة الشبوانية بقوام 8 الوية عسكرية انتشرت في معظم مديريات المحافظة، وحققت خلال فترة قصيرة إنجازات امنية كبيرة أشاد لها الجميع بحسن الانضباط ومكافحة الإرهاب وتأمين الطرقات.
إلا ان قوى النفوذ اليمنية بمختلف تناقضاتها ازعجها هذا التطور النوعي والكبير في طريق استعادة شبوة لمكانتها، فعمدت الى تدمير قوات النخبة الشبوانية عن طريق استخدام أدوات جنوبية رخيصة تعمل ضمن قوى النفاذ وتستفيد منها.
وهو ما حدث فعلاً في أغسطس 2019 عندما تركت قوات ما يسمى جيش وطني مواقعها للحوثي في نهم والجوف وتوجهت صوب شبوة وابين وتمكنت من السيطرة على المحافظة وإخراج قوات النخبة الشبوانية منها والاستعانة بقوات شمالية، بهدف اخضاع المحافظة مرة أخرى لقوى النفوذ اليمنية بكل تناقضاتها وخلافاتها.
عمدت هذه القوى منذ لحظة سيطرتها على المحافظة الى إسكات كل الأصوات المعارضة لها بالقتل والاعتقالات والتشريد وقصف القرى والمدن، كما مارست سياستها القديمة في المحافظة المتمثلة في عزل شبوة عن محيطها الجنوبية وربطها بمحافظة مأرب والجوف، وسهلت عودة تنظيم القاعدة الى المحافظة، وحاولت إعادة الانقسام المجتمعي والقبلي في المحافظة.
أبناء شبوة الاحرار كالعادة لم يصمتوا تجاه هذه الممارسات وظلوا يقارعون مليشيا الاخوان والحوثي التي عبثت بمحافظتهم، سواء كان ذلك عن طريق الفعاليات السلمية او حتى المقاومة المسلحة، والتي كان لها دور في ابراز قضية أبناء شبوة وخطورة سيطرة مليشيا الاخوان والحوثي عليها ولما لذلك من مخاطر كبيرة على الجنوب بشكل خاص والامن القومي العربي بشكل عام.
ومطلع العام الجاري اسفرت الضغوط الكبيرة التي مارسها أبناء الجنوب على التحالف العربي لا سيما بعد تسليم الاخوان مديريات بيحان للحوثي، اسفرت عن تغييرات جذرية في هرم السلطة الحاكمة بالمحافظة من خلال اقالة المحافظ الاخواني المتشدد بن عديو، وإدخال القوات الجنوبية المتمثلة بألوية العمالقة وقوات دفاع شبوة الى كافة مديريات المحافظة، وتمكنها من تحقيق نصر استراتيجي باستعادة كافة المحافظة وكسر قبضة الاخوان عليها.
ان انتصارات قوات العمالقة الجنوبية في شبوة وعودة قوات دفاع شبوة للانتشار في المحافظة، يعد من الانتصارات الاستراتيجية للجنوب وقضيته ومستقبله، ونصر كبير واستثنائي لأبناء شبوة فهم احق بمحافظتهم وثروتها وحمايتها والتحكم بقراراها ومستقبل أبنائها.
هذه الانتصارات يجب ان تعزز من خلال السيطرة على منابع النفط والمناطق الحيوية بالمحافظة من قبل قوات دفاع شبوة، حتى يتم تأمين كامل مديريات شبوة، عقب ذلك لا بد ان حوار يجمع الطيف الشبواني الذي لم يتورط بدم ولا خيانات من اجل توحيد الكلمة والمطالبة بحقوق المحافظة واستحقاقاتها السياسية والاقتصادية، بما ينعكس ايجاباً على شبوة ومستقبل أبنائها.
وفي الأخير نسأل الله ان يرحم شهداء قوات العمالقة الجنوبية والمقاومة الجنوبية في شبوة وكل من سقط على ارض شبوة بهدف ان تنال حريتها وكرامتها والواجب على الجميع الحفاظ على هذه التضحيات الجسيمة وعدم تكرار أخطاء الماضي .