لننتصر جميعا لمواصلة واستكمال الحوار الوطني الجنوبي

أجد نفسي مضطرا للحديث مرة أخرى عن الحوار الجنوبي الذي أصبح كما يبدو مادة للإستهلاك السياسي عند البعض؛ أكثر منه موقفا وطنيا مسؤولا تستدعي الضرورة الوطنية إنجازه ومنذ وقت مبكر ؛ فالحوار لم يعد ترفا سياسيا زائدا عن الحاجة أو لعبة للتسلية ومضيعة للوقت والثرثرة السياسية التي لا فائدة ترجى منها؛ ولا تليق بمن يحملون حقا قضية وطن وشعب ينتظر منهم الكثير على طريق حريته وخلاصه. والمؤسف والمثير حقا للإستغراب بأن الجميع يدعون له ويعلنون بأنهم معه ويؤكدون على أهميته في هذه الظروف للتوصل إلى صيغة وطنية توافقية يجمعون عليها بشأن المستقبل وآلية العمل التي يمكنهم عبرها من تجاوز العثرات والتحديات التي تعترض طريق الحوار ولأسباب وعوامل كثيرة؛ ولذلك وبالنظر لخطورة الأوضاع ولتزايد حجم التحديات وتعدد جبهات المواجهة مع أعداء الجنوب وقضيته الوطنية؛ فإن بقاء الحوار الجنوبي في حالة من الجمود أو ما يشبه التوقف التام لهو أمر خطير للغاية؛ ولا بد من الإشارة هنا بأن النقاشات والمشاورات العلنية والسرية والقائمة على الإنتقائية والإستمزاج لا تمثل صيغة حقيقية للحوار الذي يشكل سبيلا آمنا للوصول إلى صيغة وطنية جامعة؛ لأنها تفتقد للأسس والمعايير التي تشكل قاعدة صلبة للحوار . إن التمترس عند المواقف السياسية وعدم تقديم التنازلات المتبادلة بكونها قاعدة ذهبية لكسب الثقة المتبادلة؛ ومدخلاحقيقيا للشراكة الوطنية التي تعني في جوهرها تحمل المسؤولية الوطنية وبكل نجاحاتها وإخفاقاتها وتبعاتها المحتملة من قبل الجميع؛ ففي ذلك يكمن الإنتصار للجنوب وقضيته الوطنية العادلة؛ فالتمترس وتحت أي عنوان أو مبرر لهو أمر ضار بموقف الجميع من مبدأ ومنطق الحوار وضرورته الوطنية الملحة؛ الأمر الذي يتطلب مواصلته سريعا بجدية ومثابرة مهما كانت التعقيدات والعراقيل وإعلان النتائج للرأي العام أولا بأول حتى بلوغ محطته الأخيرة التي تكون خاتمة للحوار وإقرار ما كان قد أتفق عليه؛ عبر عقد إجتماع وطني ختامي عام أو أي صيغة مناسبة يتفق عليها .