الهوية الجنوبية.. ماذا بعد الحرب؟
رأي المشهد العربي
إن عاجلًا أو آجلًا، ستضع الحرب أوزارها وستتوقف أصوات المدافع ويُفتح المجال حالة من الاستقرار الأمني، لكنّها ستكون ممزوجة بشحن واستقطاب سياسي يرسم ملامح المستقبل.
يثق الجنوبيون في قدرة قواتهم المسلحة، على تحقيق النصر ميدانيًّا، وهذا راجع إلى تجربة فريدة من نوعها أثمرت إنجازات عسكرية بالغة الأهمية، ليس أقلها تحرير مديريات شبوة (بيحان، العين، عسيلان) من قبضة المليشيات الحوثية في غضون 12 يومًا فقط.
على الصعيد السياسي، لا يختلف الأمر كثيرًا فالشعب الجنوبي يثق في قيادته المتمثلة في المجلس الانتقالي، وهي قيادة شديدة الحكمة تتعامل وفقًا لآليات واستراتيجيات تعلي من شأن تحقيق الأمن والاستقرار وإزاحة التهديدات التي قد تتعرض لها المنطقة برمتها من مهدها وبشكل متسارع.
وبين هذا وذاك، يبقى الجانب الأهم في إطار هذا الواقع هو جنوب ما بعد الحرب، والحديث تحديدًا عن هوية الجنوب في مرحلة ما بعد الحرب، وأي شكل سيكون عليه الجنوب وهو يتعرض في الأساس منذ فترة طويلة لحرب وجودية.
وبنفس قيمة وأهمية الحراك السياسي والعسكري في المحافظة على مسار آمن ومتكامل للقضية الجنوبية، فإنّ المحافظة على هوية الجنوب تبقى أمرًا بالغ الأهمية، لا سيّما أن خصوم الجنوب وتحديدًا حزب الإصلاح الإرهابي يعمل بشتى السبل على إخفاء واستئصال الهوية الجنوبية مقابل ترويج مشبوه للقومية اليمنية.
مساعي الإخوان في هذا الصدد تبقى واضحة بشكل كبير، فالتنظيم الإرهابي يسعى لتغييب الهوية الجنوبية في دهاليز الأزمة السياسية، وذلك لإيقاف حالة من الزخم الشديدة في مسار تحرك الجنوبيين نحو استعادة دولتهم.
مجابهة هذا الخطر تتطلب استعدادًا جنوبيًّا من نوع خاص، وأن تكون هذه المواجهة شاملة لكل المستويات، سواء سياسيًّا أو عسكريًّا أو حتى إعلاميًّا، بما يصب جميعها في المحافظة على الهوية الجنوبية، كدعامة رئيسية، وهو ما يمثّل خطوة رئيسية نحو تمكين الجنوبيين من استعادة الدولة.