إعلان عدن التاريخي.. رسائل الجنوب التي رسّخت لبنات استعادة الدولة
يمثّل إعلان عدن التاريخي أحد أهم الفعاليات السياسية والشعبية على مدار الثلاثة عقود الأخيرة من عمر الجنوب وتحديدًا منذ "الوحدة المشؤومة"، بعدما قاد إلى تشكيل المجلس الانتقالي الذي وضع لبنات قوية نحو استعادة دولة الجنوب.
إعلان عدن فوَّض القائد عيدروس الزُبيدي بإعلان قيادة سياسية وطنية برئاسته لإدارة وتمثيل الجنوب، وتولي هذه القيادة تمثيل وقيادة الجنوب لتحقيق أهدافه وتطلعاته.
كان هذا الأمر مقدمة لتأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي التي رفع لواء قضية الجنوب في كافة المناسبات الدولية، وقد استطاع أن يحظى بشرعية دولية مكنته لأن ينال احترام العالم أجمع.
الإعلان الذي صدر في الرابع من مايو 2017، أعقب مليونية حاشدة نظّمها المواطنون الجنوبيون في العاصمة، في أعقاب قرارات المؤقت عبد ربه منصور هادي، الذي قال مسؤولون جنوبيون من مناصبهم، وتحديدًا الرئيس الزُبيدي وقت أن كان يحمل منصب محافظ عدن.
قرارات هادي التي مهدَّت الطريق نحو إتباع سياسة تهميش متكاملة ضد الجنوب، في مسعى لإزاحة كل من يمكن أن يقف في وجه الحوثيين والإخوان، لا سيّما أنّ الجنوب كان قد قدّم في تلك الفترة بطولات مذهلة ضد المليشيات المدعومة من إيران.
مليونية عدن التي أفضت إلى إصدار إعلان عدن التاريخي ومن ثم تشكيل المجلس الانتقالي بعثت بثلاث رسائل واضحة وصريحة، أولها أنّ الجنوب لن يقبل التهميش وأيضًا لن يسمح بالتحكم في أراضيه، لا سيّما أنّ أحد قرارات هادي آنذاك مسّ العاصمة عدن وهو ما شكّل خطورة كبيرة على وضع الجنوب، ومن ثم تطلعات شعبه لاستعادة دولته.
رسالة أخرى أكثر قوة عبّرت عنها مليونية عدن الحاشدة، وهي حجم التلاحم بين الشعب الجنوبي بشكل كامل، وهذا التلاحم شكّل حائط صد لا يزال قائمًا حتى الآن فيما يخص حماية مسار القضية الجنوبية، وهو ما أرَّق الشرعية كثيرًا، إذ حاولت العمل على شق الصف الجنوبي، عبر إثارة قدر كبير على الشائعات التي استهدفت النيل من قضية الجنوب.
الشعب الجنوبي بعث برسالة أخرى أيضًا وهو حق استعادة الدولة، وهذا الحق الذي لا يزال يطالب به الجنوبيون حتى الآن، لن يحيد عنه الشعب بأي حالٍ من الأحوال، كما أن الجنوب لا يقبل بأن تتحكم الشرعية الإخوانية في تحديد مستقبله.
وما يعضِّد من ذلك أنّ الجنوب جزءٌ رئيسٌ من المشروع القومي العربي، ويُستدل على ذلك بحجم الانتصارات القوية التي تحقّقت من قِبل القوات الجنوبية في مواجهة المليشيات الحوثية الإرهابية.
في الوقت نفسه، فإنّ إعلان عدن التاريخي كان بمثابة لفظ جنوبي كامل لحزب الإصلاح، وجاءت المليونية الحاشدة لتشكل رأيًا عامًا قويًّا ومؤثرًا بأن الجنوب لن يقبل بحضور نفوذ الإخوان، واعتبار ذلك مسألة حياة أو موت دفاعًا عن حق الجنوبيين في استعادة دولته.
رسائل الجنوبيين من خلال إعلان عدن التاريخي غيّرت مسار وحراك القضية الجنوبية بشكل كامل، وأصبح التوجُّه نحو تحقيق حلم استعادة الدولة أكثر جدية، بعدما قاد الإعلان التاريخي إلى تشكيل قيادة منظمة ومرتبطة سياسيًّا ومؤسسيًّا، بعد تطهير الجنوب من العناصر والمكونات المشبوهة التي زُرعت لضرب القضية الجنوبية من مفاصلها.