العرب اللندنية: خلاصة حرب اليمن.. أذرع إيران ليست عصية عن القطع
يرى محلّلون سياسيون وجود رابط قوي بين الأحداث المتسارعة في اليمن، ومآل النفوذ الإيراني في المنطقة ككل.
ويشهد الساحل الغربي اليمني معركة توصف بالمفصلية بين القوات اليمنية المدعومة من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وبمشاركة فاعلة من دولة الإمارات العربية المتحدة، وميليشيا الحوثي المصنّفة ذراعا لإيران ووكيلا لها.
وتأتي أهمية المعركة من تأثيرها الأكيد على مسار الحرب في اليمن ككلّ، حيث تشير مختلف التحليلات السياسية والعسكرية إلى أنّ خسارة الحوثيين للحديدة، منفذهم الأهم على البحر الأحمر، وشريان إمدادهم بالسلاح الإيراني المهرّب، ستعني هزيمة مشروعهم للسيطرة على اليمن، ومن ورائه مشروع إيران لتركيز نفوذ ثابت وقوي لها على مساحة ذات أهمية استراتيجية من أراضي جنوب الجزيرة العربية، تشرف على ممرّ بحري حيوي للتجارة العالمية، لا سيما تجارة النفط.
وبحسب المحلّلين فإنّ هزيمة الحوثيين في اليمن ستشكّل أوّل ضربة كبيرة للاستراتيجيا التي وضعتها إيران للتمدّد في المنطقة العربية بالاعتماد على ميليشيات مشكّلة على أسس عقائدية طائفية، والتي طبّقتها في كلّ من العراق وسوريا ولبنان عن طريق العشرات من الميليشيات الشيعية، أقواها وأكثرها تنظيما على الإطلاق ميليشيا حزب الله اللبناني.
وتنطوي المعركة في اليمن على خاصية بارزة تتمثّل في أنّها تخاض بجهد عربي، وأساسا من قبل دولتين بدأتا تشكلان جدار صدّ صلبا في مواجهة التمدّد الإيراني في المنطقة هما السعودية والإمارات اللتان تمتلكان الكثير من عناصر القوّة المالية والعسكرية والسياسية والدبلوماسية، وقد زجّتا بمختلف تلك العناصر في حرب اليمن التي بلغت منعطفها الفاصل في معركة الحديدة الجارية في الوقت الحالي.
وتواصلت الأحد الاشتباكات العنيفة بمحيط مطار الحديدة بين مسلّحي الحوثي والقوات اليمنية تحت غطاء طيران التحالف العربي. وتؤكّد مصادر عسكرية أنّ انتزاع الحديدة من الحوثيين مسألة وقت وأنّ العائق الوحيد أمام حسمها هو مصير المدنيين الذين تحصّن عناصر ميليشيا الحوثي داخل أحيائهم السكنية متخذين منهم دروعا بشرية، في استعادة لطريقة تنظيم داعش في التمترس داخل المدن التي احتلّها في سوريا والعراق، لا سيما مدينتي الرقّة والموصل ما أدى إلى تدميرهما أثناء استعادتهما من التنظيم.
وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، الأحد، أثناء اجتماعه بأعضاء السلك الدبلوماسي لدى بلاده لإطلاعهم على تطورات عملية تحرير الحديدة، إن قوات التحالف العربي قد عمدت لاتباع نهج مدروس ومسؤول لحماية المدنيين وضمان تدفّق المساعدات الإنسانية.
وأوضح أن هذه العملية هدفت لمساعدة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيث في مهمته الصعبة لإقناع الحوثيين بالانسحاب غير المشروط من الحديدة وتسهيل عملية تسليمها للحكومة الشرعية اليمنية.
وأعطت تحرّكات المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، وزيارته إلى صنعاء الواقعة تحت سيطرة المتمرّدين، أملا في تحرير المدينة سلما وتجنيبها الخسائر في الأرواح والبنى التحتية.
ووفق متابعين للشأن اليمني فإنّ استجابة الحوثيين لمقترح تسليم المدينة تظلّ رهن قرار إيران غير المعنية بمسألة الخسائر، بقدر اهتمامها بإنقاذ وكلائها الحوثيين والحفاظ على أقصى قدر ممكن من مكاسبهم على الأرض.
وتحمل هزيمة المشروع الإيراني في اليمن إنذارا للميليشيات التي تؤمّن نفوذ طهران في بلدان عربية أخرى وتسهر على حراسته، بأنّها ليست عصية عن الكسر، وبأنّ دولا عربية تمتلك الإرادة والمقدّرات لهزيمتها بطرق مختلفة.
ولا تخلو معركة تحرير اليمن من ميليشيا الحوثي من بعد دولي إذ يسدي نجاحها خدمة للقوى الدولية المنخرطة بقيادة الولايات المتحدة في مواجهة السياسات الإيرانية الداعمة للإرهاب والمهدّدة للاستقرار الإقليمي والدولي. وقال دبلوماسي يمني سابق إنّ السعودية والإمارات قامتا بدورهما في مقاومة تلك السياسات على نطاق إقليمي بقطعهما ذراع إيران في اليمن وهيّأتا الأرضية لهزيمة إيرانية أشمل في بلدان ومناطق أخرى.