الحرب الاقتصادية على الجنوب.. طلقات تقتل في صمت
منذ فترة زمنية ليست بالقصيرة، فرضت حرب الخدمات نفسها كواحدة من أبشع صنوف الحرب الشاملة التي تشنها ما تسمى بالشرعية في عدوانها المشؤوم على الجنوب.
الأعباء التي صنعتها تلك الحرب على الجنوبيين جعلت المواجهة الاقتصادية لا تقل أهمية عن المواجهة الأمنية أو العسكرية، وهو دورٌ يبذله المجلس الانتقالي الجنوبي بكل الصور الممكنة رغم شح الإمكانيات والعراقيل التي تصنعها ما تسمى بالشرعية.
ما جعل الحرب على الجنوب تحمل طابعًا اقتصاديًّا في إحدى صورها العنيفة، يعود بشكل رئيسي إلى حجم الثروات التي يملكها الجنوب، والتي تعرضت لعملية استنزاف ممنهجة من قبل ما تسمى بالشرعية، ما مكّن قياداتها من تكوين ثروات ضخمة في وقت يُحرم فيه الجنوبيون من أدنى حقوقهم.
أهمية الانخراط في مسارٍ كهذا تعود إلى أنّ الحرب الاقتصادية التي تُشن على الجنوب لا يبدو أن نهاية قريبة تلوح في الأفق لها، وهي حرب مستمرة على مدار الوقت سواء في الفترات التي تشهد نشاطًا للعدائيات العسكرية التي تشنها المليشيات الإخوانية وحلفاؤها من التنظيمات الإرهابية.
وإلى جانب الدور الذي يلعبه المجلس الانتقالي للتخفيف من وطأة الأعباء عن المواطنين، فقد رشحت مطالب عديدة بأن يلعب رجال الأعمال الجنوبيين دورًا أقوى في إطار دعم وتنمية الاقتصاد الجنوبي، وأن تركز استثماراتهم على الجنوب فقط، وتجنب التعامل خارج حدوده.
يرتبط ذلك أيضًا بضرورة تعزيز الواقع الأمني في أرجاء الجنوب، وهو أمرٌ يوليه المجلس الانتقالي الجنوبي اهتمامًا كبيرًا، وذلك لتوفير مناخ آمن للاستثمار، وهو ما يمثل دفعة رئيسية لتحسين الاقتصاد.
جانب آخر من مواجهة الحرب الاقتصادية التي يتعرض لها الجنوب يتعلق كذلك بالعمل على بضرورة إجراء عمليات تطهير شاملة لمؤسسات الجنوب الاقتصادية والمالية وإزاحة أي عناصر قد تلعب دورًا سلبيًّا بما قد يضاعف من الأعباء المعيشية على المواطنين.
الحديث هنا تحديدًا عن ضرورة إزاحة العناصر الإخوانية من مفاصل مؤسسات الجنوب، باعتبار أنّ هذه العناصر تمثل سلاحًا تحركه ما تسمى بالشرعية في إطار مساعيها المستمرة لضرب الاقتصاد الجنوبي.
إزاحة هذه العناصر التي قد تلعب دورًا مشبوهًا معاديًّا للجنوب، يعني ضبط البوصلة الإدارية بشكل كبير، وذلك من خلال ضمان اتخاذ القرارات الصحيحة التي تخدم مسار الاقتصاد، ومن ثم تجاوز مرحلة القرارات التي لطالما اتخذتها عناصر ما تسمى بالشرعية ومثّلت ضربة مؤثرة وبشدة على الواقع الاقتصادي الجنوبي، والتي قادت مثلًا إلى انهيار العملة وتدمير البنية المالية.
لا ينفصل ذلك أيضًا عن جرائم الفساد التي ترتكبها ما تسمى بالشرعية التي تعزف عن إيداع مبيعات النفط بالبنك المركزي، وهو ما مكن المتنفذين في هذا المعسكر من جمع مئات المليارات، مقابل معاناة قاتمة لأعداد ضخمة من السكان الذين لا يجدون ما يُمكنهم من سد رمقهم.
الأكثر من ذلك أن ما تسمى بالشرعية عملت على تفريغ مؤسسات الجنوب من الكوادر الوطنية التي يمكنها أن تلعب دورًا قويًّا ومؤثرًا في نطاق تخصصاتها، وأجبرت قطاعات عريضة على المغادرة تحت وطأة التهديد المستمر والابتزاز المتواصل.