سياسة التسويف الإخوانية.. عداء للجنوب ومهادنة مع الحوثيين
رأي المشهد العربي
فيما تتعرض ما تسمى بالشرعية لضغوط هائلة من جراء توجيهها للبوصلة ضد الجنوب، فقد بدى واضحًا أنها تتعامل مع واقع القضية الجنوبية من منطلق "التسويف"، بمعنى أنها تتعمد إطالة أمد الأزمات وزرع العراقيل أمامها لضمان تحقيق أكبر قدر من المكاسب.
فنظام المؤقت المدعو عبد ربه منصور هادي الذي يتبع أجندة حزب الإصلاح الإخواني، يبرهن على مدار الوقت أن خطته العدائية موجهة ضد الجنوب، وأن احتلال أراضيه ونهب ثرواته هو الغاية التي تحرك هذا الفصيل على مدار الوقت، بيد أنّ المواجهة الناجعة التي يقدمها الجنوب على الأرض غيّرت من مفاهيم المعادلة.
ما تسمى بالشرعية سعت منذ اليوم الأول للحرب لتثبيت أمر واقع، مفاده أن تُبقي على احتلالها للجنوب من جانب، مع إفساح المجال أمام المليشيات الحوثية لتواصل هيمنتها على أراضي اليمن، وبالتالي يكون الجنوب هو الخاسر الوحيد من تلك المعادلة، ويُستدل على ذلك بحجم الإصرار على إبقاء المليشيات الإخوانية لتحتل مناطق شاسعة من الجنوب وتحديدًا المناطق التي تملك ثروة نفطية ضخمة وأيضًا المناطق التي توفّر مدخلًا للتوغل في الجنوب مثل وادي حضرموت.
لكن الاستراتيجية الناجعة التي واجه بها الجنوب هذه التحديات غيّرت من مفاهيم تلك المعادلة، وفكّكت قدرًا ضخمًا من المؤامرة الإخوانية، ومن ثم وجدت ما تُسمى بالشرعية نفسها محاصرة بين ضغوط متصاعدة، لا سيّما بعد افتضاح أمر تخادمها مع الحوثيين، فلجأت إلى إتباع سياسة التسويف والمراهنة على عامل الوقت.
اتبع نظام هادي هذه السياسة في كل مراحله العدائية ضد الجنوب سواء أمنيًّا أو سياسيًّا أو خدميًّا، والهدف من ذلك بوضوح هو محاولة الخروج من الجنوب بأقل قدر ممكن من الخسائر، لا سيّما أن إزاحة هذا الاحتلال من الجنوب سيشكل معادلات سياسية جديدة تصنع مستقبلًا خاليًّا من النفوذ الحالي لحزب الإصلاح.
بالتزامن مع ذلك، أيقنت ما تسمى بالشرعية أن بقاءها مرتبط باستمرار الحرب الحوثية، وليس المقصود هنا مجرد بقائها على الساحة بشكل عام لكن وجودها في الجنوب يظل مرتبطًا بأنها تزعم وتدعي أنها تحارب المليشيات، ومن ثم تجد ذريعة للتوغل في الجنوب بشكل كبير.
من أجل ذلك، لجأت ما تسمى بالشرعية إلى إضاعة الوقت في إطار مواجهة مليشيات الحوثي الإرهابية سياسيًّا أو عسكريًّا، وأضاعت الكثير من الفرص التي كان بالإمكان أن تشهد قضاءً شاملًا على الحوثيين، مثل الهروب من مواجهة أطقم المليشيات المحدودة في صنعاء عام 2014، وصولًا إلى التوجه نحو مفاوضات سياسية في 2018 أفضت إلى اتفاق السويد، على الرغم من أن العمليات العسكرية التي كانت تقودها القوات المسلحة الإماراتية بمشاركة ألوية العمالقة الجنوبية في ذلك الوقت كانت بصدد الإجهاز على المليشيات، لكن نظام هادي الخاضع لسيطرة إخوانية ذهب إلى مهادنة الحوثيين ثم اتجه إلى تكثيف حربه على الجنوب.
كل هذه الممارسات التي تتبعها ما تسمى بالشرعية تعكس أنها لا تنفذ مشروعًا سياسيًّا منضبطًا بقدر ما أنها تحمل أجندة مشبوهة تقوم على معاداة الجنوب والتخادم مع الحوثيين، مع إتباع سياسة إضاعة الوقت للخروج بأقل الخسائر.