جرس تنبيه من جريفيث.. تحذيرات من تناقص الاهتمام الدولي بمأساة اليمن
منذ أن حطّت الحرب الروسية الأوكرانية أوزارها، أثيرت الكثير من المخاوف من أن يتبعها تراجع حاد في الاهتمام بالحرب التي أشعلتها المليشيات وتعقيداتها وتأثيراتها على المنطقة برمتها.
بشكل مباشر، حثّ وكيل الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن جريفيث، المجتمع الدولي على عدم نسيان هذه الأزمة الإنسانية وتمويل جهود الإغاثة المنقذة للحياة، في رسالة عكست مدى أهمية أن تظل المأساة الإنسانية التي خلّفتها الحرب الحوثية حاضرة في الأذهان دائمًا.
جريفيث أصدر بيانًا قال فيه، إنّ سنوات الحرب تقضي على حياة الناس في اليمن، وأشار إلى أن "الأبرياء يحتاجون إلى دعم عاجل، لكن العديد منهم بدون مساعدة بسبب نقص التمويل".
دعوة جريفيث تأتي بعدما كان قد طالب هذا الأسبوع بضرورة توفير نحو 4.3 مليار دولار لمساعدة أكثر من 17 مليون شخص هذا العام في جميع أنحاء اليمن، علمًا بأن مؤتمر المانحين فشل في الوصول لهذا الرقم واكتفت قيمة تعهداته بـ1.3 مليار دولار من 36 جهة مانحة.
المأساة الإنسانية الموثقة بأرقام مخيفة، حتمت ضرورة أن تظل الأزمة حاضرة بقوة وزخم على طاولة المجتمع الدولي، إذ يكفي القول مثلًا إن هناك 23.4 مليون شخص يحتاجون للمساعدة، بينهم 19 مليون شخص سيجوعون في الأشهر المقبلة وأن أكثر من 160 ألفا من هؤلاء الأشخاص سيواجهون ظروفا شبيهة بالمجاعة.
تنظر الأمم المتحدة إلى الوضع الراهن، أي بعد أكثر من سبعة أعوام على الحرب، أن الحالة تعبر عن حالة طوارئ مزمنة، وأنّ اليمن ما يزال بحاجة إلى مساعدة عاجلة، إذ يرتفع مستوى الجوع والمرض وغيرهما من الأزمات المأساوية، بشكل أسرع مما يمكن لوكالات الإغاثة التصدي له.
ما ينذر بمضاعفة الأعباء الإنسانية كذلك هو انعدام الأمن بالنسبة للطواقم الأممية والعاملين في الشأن الإنساني وهو ما نبّهت له الأمم المتحدة بعد تعرض عدد من عامليها للاختطاف مؤخرًا، وهي عقبات أثارت مخاوف من أن تؤدي إلى تراجع العمل الإنساني على الأرض ومن ثم تفاقم الأعباء على السكان بشكل كبير.
تضاعفت هذه المخاوف على إثر العقبات والتهديدات التي تفرضها المليشيات الحوثية بشكل مباشر على العاملين في القطاع الإنساني، ومساعي هذا الفصيل الإرهابي المدعوم من إيران لاستغلال هذا الملف سواء من أجل التربح عبر بيع المساعدات أو من خلال ابتزاز المجتمع الدولي لتحقيق المزيد من المكاسب.
هذا الواقع المأساوي أثار مخاوف من تناقص الاهتمام به على الصعيد الدولي، لا سيّما بعدما اقتربت الحرب الروسية الأوكرانية من إتمام شهرها الأول، وقد جذبت الأنظار والكم الأكبر من اهتمام المجتمع الدولي، وهو ما دفع جريفيث - العالم بتعقيدات أزمة اليمن بعدما عمل مبعوثًا أمميًّا - لتوجيه جرس تنبيه للمجتمع الدولي حتى لا تتفاقم تداعيات الأزمة وتعقيداتها بشكل أكبر.
فمن شأن تناقص هذا الاهتمام أن يضاعف من تعقيدات الحرب ومن ثم يمنح الفرصة للمليشيات الحوثية من جانب أن تضاعف من جرائمها الغادرة التي صنعت الكم الأكبر من المأساة الإنسانية، كما تتبدد آمال وقف الحرب بشكل كبير في ظل تناقص الاهتمام بها، بما يشكل تهديدات غير محتملة لأمن المنطقة برمتها.