ساعات من القهر في مدخل عدن
1994/7/8 شاهدت بعيني كيف استبيحت لحج وعدن لجحافل الغزو والاحتلال والنهب والإرهاب... وقفت لساعات في مدخل عدن وفي نقطة مابعد الرباط دارسعد بسبب ازدحام القوافل القادمة من الشمال... أغلقت النقطة وامتدت السيارات إلى مابعد صبر.. كان ضمن تلك القوافل سيارت كثيرة مليئة بالأفغان العرب... بعض سياراتهم تحمل ماء وبسكويت وزعوا منها بينهم في مكان الازدحام حيث كان الجو حار جدا.... معظم السيارات والقادمين تدل وبوضوح أنهم ذاهبون للنهب والتحميل... أغلق الاتجاه الآخر الخارج من عدن وحضرت معدات ثقيلة لمسح وفتح الطرقات الكثيرة من أجل الدخول إلى عدن.. كانوا مستعجلين جدا يشدهم الفيد والغنيمة... شاهدت خلف العمارات سيارت كثيرة خارجة من عدن تتميز بلوحاتها الشمالية تحمل كل شيء...وكان جميع ماتحمله منهوبات خاصة وعامة لم تكن المشكلة عند العسكر كيف ستعتقل الخارجين وتوقف مالديهم أو تمنع الداخلين لإيقاف النهب بل كان هم القائمين على النقطة هو كيف يفتحون الطرقات للداخلين والخارجين وتسهيل عمليات النهب...لم يكن بينهم من تبدو عليه علامات الرفض والانزعاج كانوا يتبادلون الضحكات والمرح يباركون لبعضهم فرحون جدا ضحكات الملتحيين كانت تؤلمني أكثر من غيرها كنت أفكر هل الدين يمنحهم أن يفعلوا بنا هكذا... ما شاهدته بعيني لم يكن يدل على أننا إخوة ولا أنهم يشعرون بأنهم في دولة سيحكمونها من أجلهم و معهم أهلها مافعلوه لم يكن مبررا أبدا كان جريمة منظمة بإشراف النظام الحاكم والمؤسسة الدينية.. بعد الظهر استطعنا الدخول إلى عدن وشاهدنا وليتنا كنا حينها فاقدي البصر.. رأيتهم كيف أنهم مشغولين بتحميل السيارات من المعسكرات والمؤسسات والإدارات والبيوت...أما نحن فلم نجد مخبز نأكل منه ولم نستطع الوصول إلى خور مكسر بسبب المواصلات ظللنا يومان بالمنصورة نبكي على الأطلال وشهود على مايتم نهبه وبهمجية وحقد وغباء... كان العسكر يتواصلون بأقاربهم ويدعونهم للنزول والنهب وتسهيل لهم ذلك معلومة حدثني بها أكثر من شخص منهم فيما بعد.... لم يكن جميعهم بهذه الأخلاق ولكنها ثقافة قبلية ومدعومة من النظام واعتبرت عدن مكافأة وغنيمة لمن يدخلها لذلك فتح النهب والسرقة بتلك الطريقة.. أوامر الرئيس بجعل الفيد ملك لكل من يدخل عدن محررا وفاتحا لها وفتاوى دينية أجازت ذلك السلوك...استمر النهب عبر الحراسات على المؤسسات لفترة طويلة في عدن...
ساعات بالنسبة لي لخصت الكثير ووضحت لي من هم الفاتحين الجدد الذين سيعيدوننا إلى الإسلام ويدخلونا في دولة الشرعية ويبشروننا بمستقبل واعد لنا ولأجيالنا
ساعات شاهدت فيها الفوضى والنهب والسرقة المنظمة والحقد واستخدام الدين والحديث بالقوة وسوء استغلال السلطة... سبقتها 70 يوم حرب وأتبعتها 21 عام من القمع والإقصاء والنهب للأراضي والمؤسسات بأوامر عليا...وبدلا من أن يعتذر نخب الشمال المثقفة للجنوبيين على مافعله الجهلة والحاقدون والمؤدلجون منهم يطالبونك بالصمت عن ذكر جرائم الشماليين بالجنوب... شخصيا أدرك وأؤكد أن أكثر الشماليين لم يشاركوا فعليا فيما حدث للجنوب ولكنهم لم يقدروا مافعله البقية منهم بالجنوبيين.
#عادل_الشبحي