تظاهرات الحوثيين في أنقرة تكشف عن تقارب تركي إيراني في مواجهة التحالف العربي
لم تتوقف تداعيات التظاهرات الحوثية التي شهدتها مدينة اسطنبول التركية، أمس الأحد، عند حدود جماعة الإخوان المسلمين داخل اليمن والتي أضحت تتحالف مع الميليشيات الإيرانية لتحقيق مصالحها داخل اليمن وخارجة، غير أنها امتدت لتطرح أسئلة عديدة بشان المكاسب التركية من دعم ميليشيا مسلحة تدعمها وتمولها طهران.
حتى أمس كان من الصعب القول إن تركيا تدعم الحوثيين، وبالضرورة تدعم إيران، لكن اندلاع مظاهرات حاشدة من أنصار حزب العدالة والتنمية الحاكم، وزعيمه رجب طيب أردوغان، تؤيد الميليشيات الحوثية وزعيمها عبد الملك الحوثي، أمس الأحد، يؤكد دخول أنقرة على الخط بقوة، ربما في إطار فتح جبهة جديدة للمناورة مع الولايات المتحدة الأمريكية، والقوى الأساسية في المنطقة العربية.
المشهد غير المفهوم في شوارع تركيا، ضم مئات الأتراك، بجانب عشرات من الإيرانيين، رافعين صور عبد الملك الحوثي وشعارات داعمة للميليشيات الشيعية اليمنية، والأكثر غرابة أن التظاهرات سعت للتحرش بالدول العربية الكبرى في المنطقة، بالتوجه إلى مقر القنصلية السعودية في إسطنبول، رافعة شعارات عدائية تجاه المملكة والتحالف العربي.
ويؤكد سياسيون يمنيون على أن موقف التظاهرات من التحالف العربي والمملكة يتطابق مع الموقف التركي العدائي تجاه القوى الفاعلة في المنطقة، خاصة مع انحياز هذه القوى ضد خطاب الجماعات الدينية والدعم القطري الموجه لها، وحصار جماعة الإخوان الإرهابية وفروعها في المنطقة، بينما تحتضن أنقرة قيادات الجماعة وزعماء كثير من الحركات والجماعات الدينية المتطرفة.
المسيرة قد تشير إلى تقارب إيراني تركي، أو بالأحرى تفضح محاولات إخفاء هذا التقارب وتصوير علاقات البلدين على أنها تشهد حالة من التوجس المتبادل والهدوء الرمادي البارد، في ضوء المواقف المتصارعة في سوريا، مع دعم إيران لنظام بشار الأسد، ودعم تركيا للميليشيات الإسلامية المتحاربة مع الجيش العربي السوري، لكن التقاء مصالح البلدين فيما يخص تصفية القضية الكردية، التي تهدد باقتطاع مناطق جغرافية منهما لصالح الدولة المستقلة التي ينادي بها أكراد المربع السوري العراقي التركي الإيراني، يزيد من منطقية التوافق بين البلدين في عدد من الملفات.
ويذهب البعض للتأكيد على أن تركيا، التي تشهد انحسارا واضحا لحضورها وتأثيرها على الجبهتين العراقية والسورية، أن اليمن ملعب مفتوح يمكنها أن تتوسع فيه، لتثير مزيدا من الغبار في عيون القوى الإقليمية العربية، وتنتزع أوراق تفاوض في مناوراتها مع الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، الرافضين لانضمام أنقرة للاتحاد الأوروبي، بديلا للأوراق التي سقطت في بغداد ودمشق.
تظل مسألة إعلان هذا التقارب، وظهور تركيا المباشر في المشهد الداعم للميليشيات الحوثية أمرا مثيرا للاستغراب، لكنه قد يكون مفهوما على خلفية النجاحات التي يحرزها الجيش اليمني في حربه على الميليشيات، بدعم وإسناد من قوات التحالف العربي الداعم للشرعية، خاصة مع إحكام حصار الميليشيات وتجفيف كثير من خطوط الإمداد والتمويل، بشكل يهدد بخسارة هذه الجبهة وما تمثله من فرص تهديد للسعودية والإمارات.