عن رجل لا يتحدث إلا همساً
د. سعيد الجريري
- لا مستقبل لوطن يضرب فيه المعلم !
- لسنا شرقاً ولا جنوباً لليمن السياسي وكهنوته
- أنور الحوثري من غرابة "الامبريالية" إلى غربة الدار
- حضرموت النفط .. السرطان .. العاهات
أحمد عبدالرب الحوثري إنسان استثنائي جميل، لا يشبه إلا نفسه. أمسِ نعاه الناعي فخيم الحزن على بلدتنا التي عهدته مثالاً للرجل النظيف السمح الودود اللطيف، الذي يقول لك بهيأته وسلوكه، وصمته أحياناً ما لا يقال بآلاف الخطب.
تعود بي الذاكرة إلى السبعينات، إذ وعيت على العالم الصغير المسمى "الديس الشرقية" حيث أول صيدلية في السوق القديم، حيث يقدم رجل أنيق رشيق اسمه أحمد عبدالرب مقدماً خدمته الصيدلانية بوقار طبيب، فيشملك شعور بأن هذا الرجل لا يبيع أدوية - كانت زهيدة السعر - بل هو حكيم يمنحك الدواء ملفوفاً بثقة وطمأنينة أن الشفاء يبدأ من صيدلية أحمد عبدالرب.
ثم تمضي السنون، لأتعرف عليه أكثر ونأخذ بأطراف الأحاديث بيننا في أي سانحة تسنح، خاصة أنه كان عم صديق العمر الحوثري الجميل انور سعيد، لأكتشف في هذا الرجل ملامح أخرى من شخصيته الهادئة اللطيفة. فهو من القلائل - النادرين - الذين لا يتحدثون إلا همساً، كأنه يخشى أن يكسر خاطر أي حرف أو كلمة.
بقدر ما أشعر بالحزن، أحس بأن الديس لم تفقد رجلاً من رجالها الأنقياء، بل تفقد روحاً ملائكي كان ينث عليها كل فجر وعشيّ رذاذاً من نبل وطيبة وصدق.
السلام لروحه، والعزاء لأحبتي آل الحوثري والأقارب، وللديس التي ستقتقد الشمس مع إشراقها كل يوم إشراقة النقاء التي كان اسمها أحمد عبدالرب الحوثري.