بالصورة .. قصة الطفل «درهم» مأساة تروي للأجيال فضائع وبشاعات إجرام مليشيا الحوثي

الخميس 12 يوليو 2018 20:30:41
بالصورة .. قصة الطفل «درهم» مأساة تروي للأجيال فضائع وبشاعات إجرام مليشيا الحوثي

يظل الطفل درهم شاهدا حيا، وقصة وان بقت بدون قدمين، لكنها سوف تعبر للأجيال القادمة، لتحكي لهم كيف كانت في بلدهم جماعة اسمها مليشيا الحوثي، لا تهبهم الا الموت وتتفنن وتبدع في خلق ادواته.

يجلس درهم على كرسي مصنوع بالطريقة التهامية، على باحة منزلهم الصغير، يرقب الاطفال بنهم، وعيونه لا تفارق اقدامهم، تتنقل بين قفزاتهم، وهم يلعبون ويمارسون شقاوتهم الطفولية بكل حرية. حيث هو يكبله قيد ابدي ربما، عن الحركة، لكنه بعناد واصرار وشقاوة، يتحفز للمشي على قدميه، ويحاول كسر هذا الحاجز، الذي منعه من حياة طفولته بشكلها الطبيعي والمكتمل.. ومع كل محاولة منه، وفقدانه بصيص الامل، في ان يستعيد قدمية كما كانت، يتراكم في اعماقه، كم هائل من الانكسار والالم.

فقد الطفل درهم ذو العشرة اعوام قدميه، في انفجار عبوة عثر عليها بالقرب من موقع كانت مليشيا الحوثي الاجرامية تتمركز فيه جوار منزلهم الكائن في منطقة المتينة التابعة لمديرية التحيتا جنوبي محافظة الحديدة قبل سبعة اشهر من الان.

كان درهم حينها عائد من البحر برفقه والده بعد رحلة صيد موفقة بما يسد احتياج الاسرة اليومي – الابوين وخمسة من الابناء – مبللا بأحلام طفولية متزاحمة، متخم بخيلات قصص يومه مع البحر ليرويها لأقرانه الصغار ووالدته التي تنتظره عائد بما جاد البحر لهم من الخير.

وضعه والده من على متن الدراجة النارية التي كانا يستقلانها، على جانبي الطريق بالقرب من منزله، ليوصل القليل من السمك الى البيت لطبخه، بينما هو سينتقل مباشرة الى السوق القريبة، لبيع ما تبقى من المحصول، واخذ احتياجات الاسرة اليومية. ولم يكن يعلم الاب، ان زارعي الموت وحاصدي ارواح الاطفال، يتربصون بولده على جانبي الطريق.

عثر الطفل درهم في طريق عودته، وبالقرب من المكان الذي تعسكر فيه مليشيا الحوثي، على عبوة لا يألفها، ضانا منه انها لعبة، قد تسليه واخوته الصغار، فحملها معه الى البيت، وفور وصوله بداء يعبث درهم بذلك الشيء الغريب، وحوله يحتلق اخوته ووالدته، وهم ينظرون بغرابة الى ما جلبه الولد معه.

كانت الساعة تشير الى العاشرة والنصف صباحا مرت لحظات من الريبة على الاسرة المتحلقة حول درهم، لينفجر ذلك الشي الغريب مدويا في الارجاء، مخلفا كارثة ومأساة لم تحسب الاسرة حسابها، او انها ستأتيها هدية من المليشيا الاجرامية على هيئة علبة متفجرة.

اصيب الطفل درهم بإصابات بالغة، فقد ساقيه ونسفت جمجمته، فيما اصيبت اختين له بشظايا لا تزالان حتى الان واخوته الاخرين، كما اصيبت والدته هي الاخرى بعدد من الشظايا، ودخلت منذ تلك اللحظة من هول الصدمة، بحالة من فقدان الذاكرة.

دخلت الاسرة في مرحلة من تفاقم المعاناة، بعد ان ضيقت المليشيا الحوثية على اليمنيين كل الافاق، وخصوصا المواطنين في الساحل الغربي، الذين يعتمدون في معيشتهم على البحر ومحصول مزارعهم الموسمي فقط، حيث ضيقت المليشيا على المواطنين فرص الاصطياد في البحر، وزادت تمركزت في الكثير من مزارعهم المنتشرة على امتداد الساحل، وحولتها الى ثكنات عسكرية.

يقول والد الطفل درهم “عانيت الكثير ولازلت في علاج ولدي، وزوجتي واثنتين من بناتي لاتزال الشظايا في اقدامهن التي تعاني من التقرحات حتى الان، لقد بعت كل ما املك لمعالجتهم”.

ويضيف ان احدى المنظمات تكفلت بعلاج طفله درهم بعد ان كان بين الحياة والموت في مستشفى الحديدة ونقلته الى صنعاء على حساب المنظمة واستخرجت الشظايا التي كانت في دماغه وكانت تسببت له بالشلل النصفي، لكنه بعد استخراجها استعاد حيويته بعض الشيء بالرغم من وجود شظية اخرى في الدماغ لم يستطع الاطباء في صنعاء اخراجها.

تحدث الينا طالب، اثناء زيارتنا له في منزله المبني اجزاء كبيرة منه من القش، بمرارة تختلط بالأمل، في ان يستطيع ابنه المشي يوما، ولو بأطراف صناعية. طلبا منا ايصال صوته الى كل من يمكنه مساعدته في تبني حالته.

كثيرون هم الضحايا على امتداد الساحل الغربي، مما خلفته مليشيا الحوثي من كميات هائلة من الالغام والعبوات المتفجرة، بمختلف اشكالها وزرعتها بطرق عشوائية في المزارع والطرقات.

المصدر الحكمة