مدرس نازح في عدن
د.عبده يحيى الدباني
- الجنوب وحرب الأمراض القاتلة !!
- حين تكون الشجرة وطنا
- نحررهم اليوم ليحتلونا غدا !!
- قطرات من سماء الوطن
خرج من منزله من قريب مدينة حرض؛ ضايقه الحوثيون فقد كان منزله بجوار احد معسكراتهم،
خاف من تهديداتهم المتكررة.
قلت له وهل ما تزالون تدرسون من غير راتب?
قال نعم ندرس مكرهين ولا أحد
يجرؤ ان يطالب براتبه لأنهم سيتهمونه بالتحريض والدعوشة والعمالة؛ واردف: إن مدارسهم ومدرسيهم يعلمون الأطفال سب الصحابه.
سار نحو صنعاء واهله معه وهناك مكث شهورا قبل أن يتجه شرقا إلى البيضاء ومنها إلى عدن مع واحد من أبنائه.
سألته كيف مررت من النقاط في الشمال والجنوب فقال
دلني بعض ممن اعرفه على طرق ليس فيها تفتيش من قبل الحوثة فنجحت بحمد الله بمرورها بسلام.
قلت له وماذا عن النقاط داخل الجنوب فقال لي انا لم اخف منهم لأنهم سنة يشهدون ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
هذا الحوار بيني وبينه جاء بعد صلاة المغرب حين رأيت شابا ينهض من صلاته وبيده ملف ويقف امام المصلين ويعرض عليهم قصته ويطلب منهم المساعدة كما نرى كل يوم في مساجدنا. لم يتكلم طويلا كان يمسك ابنه اليافع بيد وفي اليد الأخرى الملف قال إنه ملف وظيفته ولا أدري لماذا يعرض ملف وظيفته.
وقع في خلدي انه معلم من خلال وقوفه وحديثه وهندامه النسبي مقارنة بالنازحين أمثاله فقد كان لابسا بنطلون وكأنه امام طلابه إلا ان موقفه الأخير فيه انكسار وحرج ؛ تحسست جيبي فلم أجد فيه شيئا لكي اساعده خرجت من المسجد لكنني بقيت أفكر في حال هذا النازح وفي ولده الوديع الأسمر البريء؛
فبعثت له ابني لكي يصطحبه إلى البيت فالبيت ليس بعيدا عن المسجد .
وفي البيت سألته هل انت مدرس فقال: نعم انا لدي باكالوريوس كلية التربية وموظف في التربية والتعليم منذ 2011م ولكننا من غير رواتب منذ سنوات.
كل يوم والنازحون في المساجد يطلبون المساعدة مرة نعطيهم ومرة نعرض عنهم ومرة نصدقهم ومرة لا نصدقهم لكننا بوجه عام نتالم لمعاناتهم من حيث كانوا فقد خربت هذه الحرب حياة الكثيرين في البلاد واذلت من اذلت وحصدت أرواح من حصدت ودمرت ما دمرت ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
تناول زميلي المعلم وابنه العشاء بجواري وانا افكر فيما آلت إليه البلاد من أوضاع بسبب الحرب المتطاولة المدمرة.
عجب الأولاد من هذا الضيف المشرد الذي هبط علينا مع المساء ولكنهم قاموا بواجبه.
نهض مودعا شاكرا خجلا يردد دعاء هو اكبر مما قدمنا له وضعت في جيبه ما تيسر لي ودعوت لهما بالتوفيق وفي راسي يتردد بيت احمد شوقي:
قم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم ان يكون رسولا