أحمد بن دغر.. للانتهازية عنوان
رأي المشهد العربي
رجل كل العصور تحكمه المواقف الانتهازية والتي عادة يبيعها لمن يدفع أكثر في مزاد المصلحة..هكذا عرف أحمد عبيد بن دغر منذ بداية الحياة السياسية في حضرموت، وتوليه رئيس الاتحاد العام للفلاحين عام 76، وحتى وصوله لمنصب رئيس الحكومة اليمنية.
ولد بن دغر 1952م في قرية "موشج" بمديرية "شبام"، محافظة حضرموت، وفيها نشأ ، تلقى تعليمه الأولي، في القرية ثم انتقل إلى المدرسة الحكومية في وادي "بن علي".
حصل على بكالوريوس في التربية من جامعة عدن عام 1983م، وحصل على الماجستير والدكتوراه في التاريخ من معهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة.
وُصف بالرجل " المسخ " وأحد طفيليات السياسية الذي يتقلب معها بحثا عن متاع ودنانير يرضي بها نفسه التي ترتضي تحولات في المواقف لأتفه الأسباب وليس عن سياسية ووطنية بقدر ما هي حبا في طمع مادي .
دخل أحمد عبيد بن دغر في حالة نفي الذات، من خلال تناقضات حياتية وقع فيها الرجل، حيث انقلب من محكوم عليه بالإعدام من قبل نظام الرئيس اليمني على عبدالله صالح، إلى أحد رجالات نظام صالح وأبرز المقربين إليه.
لكن تناقضات بن دغر خلال مسيرته، وتحولاته التي تفوق درجة 360 من أقصى اليسار إلى اليمين، دلالة واضحة عن انتهازية وصولية يتبعها بن دغر.
وتوالت بعد ذلك تناقضات الرجل وتنقله في مواقعه، وتحول إلى بائعاً لذاته في المزاد العلني، سعيا لمصلحته الشخصية، فتحول من حضن صالح إلى حضن الحوثيين ثم إلى حضن هادي ثم إلى أحد المخترقين لهادي يعمل لصالح علي عبدالله صالح، ومن معاديا للتحالف العربي، إلى أحد مؤيديه، في تسلسل زمني غريب وعجيب.
ورغم فشل الرجل في كل المواقع والمناصب التي تولاها في نظام صالح، إلا أنه استخدم أسلوب التسلق واقتناص المواقف ليبقى في مواقع مرموقة جاراً خلفه فشلاً ذريعاً يضر بمسار الدولة ويزيد في معاناة المواطنين.
وفي غفلة من التاريخ صعد بن دغر ليكون نائبا لرئيس مجلس الوزراء وزيرا للاتصالات عام 2014، قبل أن يتولى منصب رئيس الوزراء في حكومة هادي عقب الحرب، بعد أن غير موقفه لأيام وانتقل من مربع دعم الحوثيين وصالح إلى مربع دعم هادي.
وسجل هادي بقراره الكارثي لتولي بن دغر رئاسة الحكومة، لطخة سوداء في تاريخ اليمن، إذ وصف الكثير من السياسيين اليمنيين والعرب، قرار هادي بـ( تدوير النفايات).
ونال ترقية بن دغر كرئيس للحكومة مفاجئة من فشله كوزير الاتصالات، إلى رئيسا للحكومة، مواصلاً مسلسل الفشل والتسبب في معاناة للشعب، وتموقعه في موقع ذات تأثير وطني لا يمكن أن يتولاه إلا رجلا نزيهاً وقادراً على التعامل مع ظروف المرحلة التي فرضتها الحرب الطاحنة.
فرضت انتهازية بن دغر، بعد أن صار رئيس الوزراء، أن يعمل على طعن الرئيس هادي الذي فرضه كرئيس للوزراء في وسط رفض شعبي وسياسي عارم، غير أن طبيعة الرجل التي تعود عليها لم تطاوعه في تقدير واحترام هادي، فمضى يعمل ضد هادي وينخر جسد الشرعية، حتى ذهب مراقبين وسياسيين إلى إتهام بن دغر للعمل لصالح ميليشيا الحوثي بتعمده في إفشال الحكومة، وتقييد عمل المحافظين والمسؤولين.
ويبدو أن بن دغر يقدم نفسه كرئيس بديلا لهادي الرئيس المعترف به دوليا، في أعقاب وعود تحصل عليها بن دغر من بعض الأطراف الدولية واليمنية المشبوهه وعلى رأسهم الانقلابيين الذين يرون بن دغر الرجل المحايد .
وفي مسار الفساد الذي توغل فيه بن دغر في نظام صالح، واصل الرجل فساده داخل الحكومة، حتى باتت الحكومة تشهد فساداً فضيعاً لم يشهد تأريخ الحكومات له مثيلاً.
مؤخراً ظهر بن دغر كمحرضاً على العنف والفوضى من خلال تصنيفه للمحافظات المحررة، بشكل مناطقي، وهو لأول مرة يحدث أن تقوم حكومة بتقسيم وتصنيف الناس إلى كيانات مناطقية لا وجود لها على أرض الواقع.
كما حرض بن دغر على الدور الإيجابي للإمارات في حفظ الأمن، وهو ما رفضته الإمارات شكلا وموضوعاً، وأكدت في بيان لوزارة خارجيتها أن تصريحات بن دغر تأتي ضمن مسلسل طويل ومتكرر لتشويه دور الإمارات ومساهمتها الفاعلة ضمن جهود التحالف العربي الهادفة إلى التصدي لانقلاب الحوثي .
وأكد بيان الخارجية الإماراتية أن الوجود الإماراتي في كافة المحافظات اليمنية المحررة بما فيها سقطرى يأتي ضمن مساعي التحالف العربي لدعم الشرعية في هذه المرحلة الحرجة في تاريخ اليمن.
ويوجه أهالي محافظات الجنوب انتقادات حادة لحكومة بن دغر بسبب إهمالها متهمين إياها بالفساد المالي والإداري، وسبق أن تظاهر المئات احتجاجا على الحكومة ودعوا لإقالة رئيسها واتهموه بالفساد.
وعمد بن دغر على شراء ولاءات صحفيين وصحف، بمقابل مالي يدفعها من خزينة الحكومة، وذلك لتلميع فشل حكومته، غير أن إطلاق الرجل لتصريحات إعلامية عن انجازات وافتتاح مشاريع تنموية، جعله مفضوحا أمام الرأي العام المحلي والدولي.
ولم تسجل حكومة بن دغر منذ توليه رئاسة الوزراء، أي انجازات تذكر على مستوى الواقع، غير ما تذكر من إنجازات وهمية في الوسائل الإعلامية التي يمولها بن دغر بالمال من خزينة الدولة.
ولا يزال رئيس الحكومة بن دغر يدير الحكومة بعقلية " الصراع السياسي " الذي لا تتحمله البلد في ظل أوضاعا مأساوية تلت الحرب التي دمرت كل شيء، وأنتجت واقعاً قاسياً يعاني منه المواطنون سيما في المحافظات الجنوبية المحررة.
وفشلت حكومة بن دغر في معالجة الملفات الهامة التي تتطلب حلاً عاجلاً للتخفيف من وطأة الظروف على المواطن والتي تثقل كاهله وتجعله في معاناة مستمرة.
الكثير من وزراء بن دغر تقدموا باستقالاتهم بسبب الفشل الذريع ولم يتبقَ من الحكومة إلا عدداً من الوزراء الذين يتمسكون بمناصبهم فقط لاستلام مخصصاتهم وراتبهم التي تصل إلى عشرات الآلاف من الدولارات، فيما لا يقدمون أي عمل يذكر في إطار وزاراتهم.
بدوره أكد رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي اليمني مصطفى نصر أن حكومة بن دغر غير مؤهلة ومنحها أي أموال إضافية لن يشكل إلا حالة فساد جديدة للحكومة.
وأضاف في تصريحات صحفية أن حكومة كهذه ليست على مستوى المسؤولية، والثقة فيها تكاد تكون معدومة لأنها لا تمتلك الرؤية ولا الوعاء والأداة التنفيذية المناسبة.