ماذا أعددت للدفاع عن نفسك أمام التاريخ ؟؟!!

(رسالتي إلى الزميل عبده الحذيفي رئيس جهاز الأمن القومي)

أعرف الزميل عبده الحذيفي منذ العام 2003م عندما ترشحنا لعضوية لجنة الثقافة والإعلام في مجلس النواب اليمني.

 

كان هو منتخبا عن المؤتمر الشعبي العام وكنت منتخبا عن الحزب الاشتراكي، وقد عرفته كفنان تشكيلي رائع وكخريج من إيطاليا (وشخصيا استخدمت إحدى لوحاته الجميلة كلوحة غلاف لأحد إصداراتي القصصية’ وتبعا لذلك هو يتحدث اللغة الإيطالية بإتقان وهو بطبيعة الحال ضابط كبير في الجيش اليمني الذي تجاوز عدد ضباطه أضعاف عدد جنوده.

 

ما لم أعرفه عن الزميل الحذيفي هو أنه أول مدير لمصلحة المساحة العسكرية بعد حرب 1994م بما اكتسبته تلك المصلحة بعد الحرب من سمعة ليست على ما يرام، الأمر الآخر الذي لم أكن أعرفه هو أن الزميل لديه ميول استخباراتية وأمنية ليتولى جهازا خطيراً كجهاز الأمن القومي.

 

منذ العام 1994م لم يعرف الجنوب والجنوبيون أجهزة الأمن بمختلف مسمياتها (المركزي والسياسي والقومي) وغيرها من المسميات العسكرية من حرس جمهوري وفرقة مدرعة إلا كاجهزة قمعية كل ما فعلته معهم هو التنكيل والملاحقة والقتل والاغتيال ضد  الناشطين السياسيين الجنوبيين بينما تخلت عن وظيفتها في مواجهة التخريب والجريمة والإرهاب وفي أحيان كثيرة كانت شريكة مع الجماعات الإرهابية في كثير من العمليات الإجرامية وأجرت معها عمليات استلام وتسليم لمواقع ومخازن وعتاد وأسلحة ومساحات شاسعة شملت محافظات بكاملها في إطار عملية الابتزاز التي ظل النظام يمارسها مع المحيطين الإقليمي والدولي.

 

جرت العادة أن قادة الأجهزة المخابراتية والتجسسية لا يصرحون بمواقفهم ولا يقابلون أجهزة الإعلام ولا يظهرون للأضواء ولا يعلنون عن تبني مواقف سياسية أو حتى إعلامية ولا حتى أمنية في إطار إضفاء حالة من الغموض والهيبة على تلك الأجهزة، وقد وفى الزميل الحذيفي ومن معه بهذه المهمة.

 

لكن تلك الأجهزة في بلدان الأخرى تعبر عن نفسها من خلال الفعل الأمني على الأرض من خلال ملاحقة المجرمين ومحاربة الإرهاب والإرهابيين وجعل المواطنين ينامون آمنين مطمئنين تحت حماية الدولة التي ارتضوا بها وتعهدت لهم بحقوقهم وافية غير منقوصة، وهذا ما لم نلمس منه شيئا لا على يد الزميل الحذيفي ولا على أيدي بقية زملائه من الوزراء.

 

أغلب المواطنين الجنوبيين يتهمون جهازي الأمن القومي والسياسي ومعهما بقية الأجهزة الأمنية متعددة الأسماء بالتقصير، وهذه التهمة لم تعد خافية على أحد فنتائجها بادية للعيان ولا تحتاج إلى قرائن ولا براهين بعد أن وصلت إلى كل بيت، لكن الاتهام الأكبر الذي يطرحه المواطنون هو أن هذه الأجهزة هي من يقف وراء جرائم الاغتيال والاختطاف وإثارة الفوضى وتغذية النعرات واستزراع المكونات السياسية الوهمية في إطار إعادة تفكيك الجنوب وهو مشروع دشنه الزعيم السابق تحت شعار "من الطاقة إلى الطاقة".

 

مثل هذا الاتهام مفهوم جدا فهذه الأجهزة لم تنشأ إلا على هذا الأساس ولهذه المهمات فقط بدليل أن ضحاياها من المخربين والأعداء الحقيقيين لا يساوي1% من ضحاياها من المواطنين الأبرياء والمعارضين المدنيين.

 

سيشعر مسؤولو الأجهزة الأمنية بالاسترخاء والبهجة وهم يرون المواطنين منشغلين بمواجهة بعضهم بعضاً وعصابات القتل والنهب والسطو تسرح وتمرح في طول البلاد وعرضها لكن هذا الشعور لن يدوم طويلا فغضبات الشعوب هي سيلٌ جارفٌ لا يرحم معتذراً ولا يشفق على مستعطفٍ فإعدوا أنفسكم للوقوف أمام محكمة التاريخ.

 

ولله الأمر من قبل ومن بعد.