باستهداف الملاحة.. الإرهاب الحوثي من البر إلى البحر
رأي المشهد العربي
من جديد عادت ميليشيات الحوثي لعرقلة حركة الملاحة البحرية بعد هجومها الأخير على ناقلتي نفط في البحر الأحمر، لتنتقل بإرهابها من البر إلى البحر في فصل جديد من الحرب لاستهداف النفط من خلال أحد أهم الممرات المائية في العالم.
وكانت قد تعرض ناقلتي نفط عملاقتين تابعتين للشركة الوطنية السعودية للنقل البحري، تحمل كلٌّ منهما مليوني برميل من النفط الخام، لهجوم من قبل مسلحي الحوثي، في البحر الأحمر، بعد عبورهما مضيق باب المندب.
ووفق وكالة الأخبار الرسمية بالسعودية "واس"، أسفر الهجوم عن إصابة طفيفة في إحدى الناقلتين، ولم تقع أي إصابات أو انسكاب للنفط الخام في البحر.
وأعلنت شركة أرامكو السعودية عن تعليق جميع شحنات النفط الخام عبر مضيق باب المندب، إلى أن تصبح الملاحة خلال مضيق باب المندب آمنة، وذلك بشكلٍ فوري ومؤقت، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء السعودية.
وتعد أرامكو السعودية شركة متكاملة ورائدة عالميًا في مجال الطاقة والكيميائيات، وتنتج الشركة برميلًا واحدًا من كل ثمانية براميل من إمدادات النفط في العالم، في الوقت الذي تواصل فيه تطوير تقنيات جديدة للطاقة.
ويرى خبراء في النفط أن تعليق الرياض تصدير النفط سيعمل على زيادة الأسعار بل وتأخير شحنات النفط الأمر الذي سيدفع بعض الدول للتواجد البحري خاصة الولايات المتحدة للتضييق على قطاع النفط الإيراني.
وفي استعراض للعضلات ولإخفاء الهزائم المتواصلة في عدة جبهات على يد التحالف قال تلفزيون المسيرة التابع لميليشيا الحوثي على تويتر إن الجماعة استهدفت سفينة تدعى الدمام قبالة الساحل الغربي لليمن فيما أطلقت عليه الجماعة في وقت لاحق بأنه هجوم صاروخي.
وقال القيادي محمد علي الحوثي،أمس الخميس، المدعوم من إيران، إن القدرات البحرية للجماعة تمكنها من الوصول إلى "مساحات كبيرة في وسط البحر.. وإلى الموانئ السعودية".
وأضاف في تغريدة على تويتر "(لكننا) حرصنا في كل المرحلة الماضية على أن تبقى الملاحة البحرية في مرورها من باب المندب آمنة مطمئنة".
وتنفذ إيران أجندات خبيثة في المنطقة من خلال أذرعها المسلحة وعلى رأسهم ميليشيا الحوثي التي تعمل على شن هجمات من حين لآخر في البحر الأحمر وذلك لخدمة المشروع الفارسي والنظام الملالي الذي كان قد هدد قبل أيام بمنع صادرات النفط في المنطقة.
ومن هذا المنطلق تبرز أهمية تحرير مدينة الحديدة وميناءها من ميليشيات الحوثي لمنع استخدامه كقاعدة عسكرية لانطلاق الهجمات الإرهابية ضد خطوط الملاحة البحرية والتجارة العالمية.
ويبدو أن ميليشيا الحوثي الإيرانية تسعى لكسب الوقت عبر مناورات سياسية باتت أهدافها مكشوفة، لذا يجب على المجتمع الدولي عدم الانجرار إلى محاولات الميليشيا الإرهابية وضرورة دعم جهود التحالف العربي لاسترداد سيادة البلاد.
ومنذ بداية تمرد ميليشيا الحوثي الانقلابية في اليمن وسيطرتهم على الساحل الغربي لليمن، تصاعدت التهديدات للملاحة البحرية في البحر الأحمر، خصوصا بعد سيطرتهم على كل من ميناء الحديدة، الذي يعد أكبر ميناء يمني على الساحل الغربي، وكذلك إثر سيطرتهم على مضيق باب المندب.
وتعاني الحديدة أوضاعا إنسانية صعبة نتيجة سيطرة الحوثيين على أهم منفذ بحري في اليمن، واستخدامه في أغراض تهريب الأسلحة من إيران.
ويمثل باب المندب للنظام الملالي الورقة الهامة للضغط على المجتمع الدولي، لما يمثله هذا المضيق من أهمية على صعيد الملاحة الدولية، وذلك لتخفيف الضغط عليهم بعد هزائمهم في مناطق عدة على يد قوات التحالف.
ويربط باب المندب البحر الأحمر من الجنوب بالمحيط الهندي، حيث يقع في منتصف المسافة بين السويس ومومباي، يحده اليمن من الشرق وإريتريا وجيبوتي من الغرب.
ويكتسب المضيق أهمية في عالم النفط من كمية النفط المارة به، والتي تقدر بحدود 3.5 مليون برميل يوميا. لكونه يقصر المسافة التي تقطعها حاملات النفط بـ60 في المئة، فإن إغلاقه سيجبر ناقلات النفط على الدوران حول إفريقيا وسيرفع تكاليف نقل النفط بشكل كبير، ويعد النفط هدفا للإرهابيين.
ويبلغ عرض المضيق حوالى 30 كيلومترا تقريبا تتوسطه جزيرة بريم. وتتم الملاحة في الجزء الغربي من المضيق، لأنه الأوسع، حيث يبلغ عرضه 25 كيلومترا ويصل عمقه إلى 310 أمتار، ويطلق عليه اسم "دقة المايون".
أما الجزء الشرقي ويسمى "قناة اسكندر" فهو لا يصلح للملاحة الدولية بسبب ضيقه وسطحية المياه فيه، حيث يبلغ عرضه ثلاثة كيلومترات وعمقه في أعمق منطقة 30 مترا.
وزادت أهمية مضيق باب المندب مع الاكتشافات النفطية في منطقة الخليج العربي، إضافة إلى كونه ممرا مائيا تجاريا هاما على صعيد سرعة النقل البحري والتبادل التجاري بين أوروبا وآسيا، فعدد القطع البحرية المختلفة التي تعبره سنويا يقدر بحوالي 25 ألف قطعة، أي بمعدل 75 قطعة يوميا.
وقوبل الاعتداء الحوثي على ناقلتي النفط السعوديتين بإدانات عربية ودولية واسعة النطاق، معتبرة أن الاعتداء يمثل خرقا صارخا لكافة القوانين والأعراف الدولية، ويضع المنطقة على شفا كارثة بحرية.
بدوره قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، الخميس، إن هجوم ميليشيات الحوثي الإيرانية على ناقلتي نفط سعوديتين في البحر الأحمر، هو عمل غير مسبوق تفوق تداعياته حدود المنطقة.
وأضاف قرقاش، أمام الحضور في مؤتمر في لندن، أن الهجوم الحوثي على الناقلتين هو سبب آخر لأهمية إنهاء انقلاب الحوثيين على الحكومة الشرعية، مشددا على أن تحرير ميناء الحديدة من شأنه تقصير أمد المعركة.
وأكد قرقاش أن استهداف الحوثيين ناقلة النفط أمر غير مستغرب، مضيفا أن القضاء على ميليشيات الحوثي سيساهم في عود الاستقرار إلى اليمن ومحيطها الإقليمي.
وطالب المجتمع الدولي بموقف قوي تجاه ما تقوم به ميليشيات الحوثي من أعمال تخريبية، تهدد أمن وسلامة الملاحة البحرية الدولية.
من جهتها، أعلنت مملكة البحرين أنها تدين وتستنكر بشدة الهجوم، مشددة على أن هذا الاعتداء الجبان يمثل خرقًا صارخًا لكافة القوانين والأعراف الدولية، وتهديدًا خطيرًا للملاحة الدولية، ويحمل ضررًا بالغًا على حرية التجارة العالمية والملاحة البحرية بمضيق باب المندب والبحر الأحمر.
بدورها، أعربت مصر عن إدانتها الشديدة للهجوم الذي استهدف ناقلة النفط السعودية في البحر الأحمر من قبل ميليشيات الحوثي في اليمن.
فيما أدانت منظمة التعاون الإسلامي استهداف ميليشيا الحوثي لناقلتي النفط السعوديتين في البحر الأحمر، واعتبرته تهديدًا لأمن الملاحة الدولية.
ويرى خبراء أن هجوم ميليشيات الحوثيين على ناقلتيْ النفط في مضيق باب المندب في البحر الأحمر يوفّر لدول التحالف العربي فرصة للعمل على استقطاب دعم دولي أكبر، ولمعركة تحرير الحديدة.
ويحذّر الخبراء من أن الهجوم، ورغم أن تأثيره على أسواق النفط سيكون محدودًا، إلا أنه قد يدفع دولًا كبرى في مقدمتها الولايات المتحدة، وروسيا، للانخراط بشكل أكثر مباشرة في النزاع المستمر في اليمن منذ سنوات.
وتقود السعودية منذ مارس 2015 تحالفًا عسكريًا دعمًا للقوات المشتركة، بمشاركة رئيسية من دولة الإمارات، وفي مواجهة ميليشيا الحوثي الإرهابية الذين يسيطرون على صنعاء، ومدينة الحديدة.
ويشنُّ التحالف منذ 13 يونيو هجومًا على ساحل البحر الأحمر باتجاه مدينة الحديدة للسيطرة على مينائها، وقد علّق هجومه بعدما وصل إلى مشارف المدينة، مطالبًا ميليشيا الحوثي بالانسحاب منها، وتسليم مينائها.