الريال.. بين سندان الحوثي ومطرقة الحكومة
رأي المشهد العربي
مازالت العملة اليمنية ( الريال) تنزف وسط وعود حكومية زائفة وعجز حكومي في التعامل مع الأزمة، فضلاً عن السطو المنظم والمستمر من جماعة الحوثي الانقلابية على الموارد الاقتصادية المتواجدة بمناطق سيطرتهم.
وتواصل العملة اليمنية (الريال) تهاويها غير المسبوق أمام العملات الأجنبية بمقدار الضعف منذ سبتمبر/أيلول 2014م حيث بلغت قيمة الدولار الواحد (520ريالاً) في السوق السوداء، مقارنة بـ(215 ريال) قبل اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء.
ومن خلال أزمة الريال أثبتت الحكومة التي اخترقت من جهات تعادي الشرعية، أنها غير جديرة بالتعامل مع مثل هذه الأزمات مع غياب الرؤية والتي وصلت بالاقتصاد إلى انهيار غير مسبوق، الأمر الذي زاد من معاناة المواطنين، وسبب احتقانا في الشارع.
ويرى متابعون للملف اليمني أن الفشل الحكومي يأتي بالتزامن مع خطة ينفذها حزب الإصلاح الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين باليمن بدعم من دول إقليمية على رأسهم دولة قطر، وذلك لتعطيل عمل التحالف في مهمته الوطنية والقومية باليمن.
كما يرى المراقبون أن استمرار هبوط الريال اليمني سينذر بغضب شعبي سيزيد من الأزمة في اليمن وذلك بسبب ارتفاع الأسعار الذي يرافقه توقف رواتب نحو مليون ونصف المليون موظف حكومي منذ عامين في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية.
وتقول الحكومة أن سبب تدهور العملة هو نهب المليشيات الحوثية الاحتياط النقدي وحوالي 5,2 مليار دولار، إضافة إلى ترليون ريال يمني، الأمر الذي ترك آثر على أسعار الريال، مؤكدة أن الحلول والمعالجات التي تعمل عليها ستساهم في المحافظة على أسعار سعر الصرف، ومنها إجراءات لتحفيز السوق والاستفادة من حوالات المغتربين.
لكن وحتى هذه اللحظة لم تعلن الحكومة المخترقة لصالح قطر، عن خطة عاجلة لتدارك الأزمة لكونها مشغولة بجمع الأموال من جميع الأطراف وانفاقها على شراء الولاءات المختلفة من خلال توزيعها على المسؤولين التابعين للحكومة وغيرهم.
ويؤكد مراقبون أن هناك جملة من الأسباب والتراكمات التي أدّت إلى تدهور سعر صرف الريال اليمني، أبرزها الانقلاب الحوثي على الشرعية ودخول البلاد في دوامة الحرب، وبالتالي تعطيل عمل الدولة ومؤسساتها الاقتصادية، وتوقف تصدير النفط التي كانت اليمن غنية بهذه الثروة الضخمة حيث كانت تصدر يومياً مليون برميل من النفط الخام.
ويضيف المراقبون إضافة إلى انخفاض حجم الصادرات وتوقف الدعم الخارجي (المنح والهبات)، كما وزيادة المعروض النقدي من العملة اليمنية بدون دراسة لوضع السوق والاقتصاد اليمني، وبدون وضع احتياطي مقابل السيولة التي تم طباعتها في روسيا.
كما أرجع خبراء بالاقتصاد أسباب تدهور العملة اليمنية مقابل العملات الأجنبية لأسباب عدة أولها اللجوء إلى طباعة المزيد من العملة اليمنية وهو ما أدى إلى تحول العملة اليمنية إلى كتل هائلة تطارد بعرض أقل من النقد الأجنبي.
واستبعد الخبراء أن تتمكن الحكومة اليمنية من وقف هذا التدهور بسبب غياب المعالجات الحقيقية المتمثلة بتحفيز القطاعات الاقتصادية التي تعد شبه معطلة تماما، بالإضافة إلى الحاجة الملحة لوضوح في السياسات المالية والنقدية بما في ذلك اعطاء الثقة والحوافز لرأس المال الوطني وإلى تدفق رؤوس الأموال من الخارج والغاء الإزدواج الحاصل في الأداء المصرفي.
وكانت الحكومة اليمنية الشرعية قد لجأت لطباعة كميات كبيرة من النقود دون غطاء نقدي لمواجهة أزمة السيولة ما فاقم أزمات الاقتصاد وأصبح يهدد بالمزيد من التراجع في سعر الريال اليمني.
وطبعت الحكومة في العام الماضي 600 مليار ريال يمني عبر شركة "غوزناك" الروسية وأكدت حينها أن ذلك الإجراء ضروري للحد من التأثيرات السلبية لنقص السيولة.
وتدخلت السعودية لإنقاذ الريال اليمني ووقف انهياره حين أودعت في حساب البنك المركزي ملياري دولار ودفع ذلك العملة اليمنية إلى تحسن طفيف لتصل إلى نحو 480 ريالا للدولار.
وتشهد السوق المصرفية مضاربات شديدة على النقد الأجنبي في ظل انخفاض المعروض النقدي بسبب الركود الاقتصادي وتوقف الاستثمارات فضلاً عن عجز البنك المركزي عن التدخل في سوق الصرف.
وفي خطوة لانقاذ العملة المحلية من الانهيار استنجدت جماعة الحوثي الانقلابية بتفعيل "قانون الطوارئ" في العاصمة اليمنية صنعاء لابتزاز التجار، وسط مخاوف من انعكاس ذلك على معيشة السكان بسبب الارتفاع الموازي في الأسعار، في ظل تدني الدخل اليومي وتوقف رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الانقلابين.
وتبدو قيمة الريال اليمني في صنعاء مشابهة لقيمته في عدن ومأرب (مناطق نفوذ الحكومة الشرعية)، وأعلن الرئيس اليمني الأحد الماضي عن تشكيل مجلس اقتصادي لمواجهة انهيار العملة.
ويعتقد بعض العاملين في السوق المصرفية اليمنية، أن موسم الحج له دوره في تصاعد الطلب على العملات الأجنبية وبخاصة الريال السعودي، إذ يحتاج نحو 25 ألف حاج إلى تحويل نفقاتهم من الريال اليمني إلى الريال السعودي، فضلا عن تصاعد الطلب عند التجار لجهة استيراد مستلزمات العيد، إلى جانب وجود نسبة إقبال كبيرة على السفر للخارج بغرض السياحة العلاجية أو الهروب من قبضة الميليشيات الحوثية.
وفي تناقض تام تسمح ميليشيا الحوثي بانتشار محلات الصرافة الخاصة والتي تتنامي بشكل متسارع وغير مفهوم في الشوارع، الأمر الذي يؤكد تبعية هذه المحلات للمليشيات الحوثية لأجل الهيمنة على سوق بيع وشراء العملات ولتخزين احتياطياتها بالعملة الصعبة تمهيدا لما بعد سقوطها لاسيما وهى تتعرض لهزائم كبيرة على يد التحالف في مناطق عدة.