أخونة الشرعية.. بين الحقيقة والخيال
رأي المشهد العربي
يبدو أن مصطلح "الأخونة" أصبح مشروع رسمي لجماعة الإخوان المسلمين في جميع الأقطار والتي بدأت من تونس في أعقاب ثورات الربيع العربي مرورا بليبيا وسوريا ثم باليمن، في محاولة للسيطرة على القرارات السياسية من أجل المصالح الشخصية للجماعة وقياداتها.
ويعمل لمشروع الأخونة على قدم وساق حزب الإصلاح الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن، وذلك من خلال اختراقه لحكومة أحمد بن دغر ومن قبل اختراقه للقصر الرئاسي نفسه.
ويساعد حزب الإصلاح في أخونة الشرعية قوى إقليمية ودولية وعلى رأسهم قطر التي تأوي الكثير من قيادات الإخوان وتمدهم بالدعم المالي واللوجستي من أجل مصالحها الشخصية .
وبدأت أخونة الشرعية منذ اختراق حزب الإصلاح للقصر الرئاسي مرورا بعهد باسندوه وانتهاءً بعهد حكومة بن دغر، التي استطاع الإخوان من خلالها توظيف واستغلال الأوضاع وغزو مؤسسات الدولة.
تعيينات شخصيات تابعة للإخوان في أماكن نافذة كانت خير دليل على الأخونة التي تعمل ضد جهود التحالف العربي لدحر الانقلابين، وخير مثال على ذلك تعيين عبدالله العليمي مديرا لمكتب رئيس الجمهورية، وعين آخرين على رأسهم نايف القيسي محافظ البيضاء السابق المدعوم من قطر والذي تصنفه الولايات المتحدة الأمريكية إرهابيا وداعما لتنظيم القاعدة.
ومن الأدلة القاطعة والغريبة وغير المفهومة تعيين الرجل المقرب من قطر صالح الجبواني وزيرا للنقل، بعد ظهوره المتكرر على قناة الجزيرة، واتهامه للتحالف العربي ممثلا في السعودية والإمارات باحتلال اليمن، وهي اتهامات كاذبة، لكنها دفعت به إلى واجهة الشرعية بعد استدعائه من العاصمة البريطانية لندن، وتعيينه وزيرا دون امتلاكه لأي خبرات إدارية أو علمية أو سياسية.
وكذلك تم تعيين وزير الشباب والرياضة اليمني ( نايف البكري) وهو قيادي في حزب الإصلاح وعلى تنسيق كامل مع التاجر الإخواني أحمد العيسي والذي يشغل أيضا نائب مدير مكتب الرئيس.
وكانت تقارير إعلامية قد تحدثت عن إصدار العشرات من القرارات التي تم بموجبها تعيين نواب وزراء ووكلاء وزارات ومحافظات، إضافة إلى قادة عسكريين وأمنيين في مختلف المحافظات المحررة تابعين أو موالين لحزب الإصلاح الإخواني.
وربط محللون مسارعة الإخوان إلى تمكين عناصرهم من مختلف مؤسسات الدولة، وذلك استباقا لأي تغييرات قد تطرأ على بنية الشرعية خلال الفترة القادمة مع تصاعد الضغوط الشعبية في جنوب اليمن وتردي الوضع الاقتصادي والخدمي في المناطق المحررة.
نفس التقارير أكدت من خلال مصادر أن إغراق المؤسسات التابعة للشرعية بالإخوان عملية تتم بموافقة من الرئيس عبدربه منصور الذي يعطي الأولوية بهذه الخطوة لتثبيت سلطاته بدعم من حزب الإصلاح على بناء جبهة سياسية وعسكرية واسعة لتحرير صنعاء التي صارت خارج الأولويات الرئاسية.
وتشكو العديد من الأحزاب والتنظيمات اليمنية المنضوية تحت لواء الشرعية من حالة التهميش والإقصاء التي تمارس بحقها من قبل متنفذين من الإخوان يسيطرون على القرار في مكتب رئاسة الجمهورية.
ولم تتوقف الأخونة فقط في الوظائف الهامة بالدولة وإنما وصلت للتخطيط على العقول والثقافة ونفسها من خلال وزارة التربية والتعليم من أجل تفخيخ مستقبل طلاب وطالبات اليمن.
ويطمع حزب الإصلاح دائما في حقيبة وزارة التربية والتعليم من أجل السيطرة على التعليم من النواحي الإدارية والمهجية، كما يقوم الحزب الإخواني ببناء المدارس والجامعات الخاصة والتي تقوم على أساس مذهبي وهذا قطعاً سيؤدي لتخريج أجيال مغيبة ومنغلقة.
ولأن الإقصاء لغة مشتركة في قواميس الجماعات الدينية فإن التقارير الواردة من صنعاء وتعز والتي تتحدث عن حالات الإقصاء والتنكيل الحوثي، والأخونة التي يقوم بها كل من عبدالواسع شداد وعبدالكريم المجاهد وغيرهم ممن أسند لهم أخونة القطاع التعليمي.
وكما في النقل والتعليم أيضاً في الجيش حيث يتمركز أكبر تعداد عسكري للجيش اليمني التابع لإخوان اليمن في مأرب وهي العاصمة الإخوانية ، والذي تفوق قوته البشرية نحو 200 ألف جندي وضابط.
ويمارس الإخوان أكبر عملية فساد، في نهب الأسلحة وبيعها، إلى نهب أموال التغذية للجيش التي تصل إلى الملايين يومياً، ناهيك عن أعمال الاستقطاع التي يمارسها قادة عسكريون إخوان بحسب تقارير إعلامية.
اختراق الإخوان للجيش لم يكن أمراً عابراً ولكنه سبقه تخطيط محكم من قبل دولة قطر أدى إلى وصول الحوثيين إلى صنعاء وتسلمهم المحافظات الشمالية من قبل عناصر الجيش التابعة للإخوان على طبق من ذهب ودون قتال يذكر.
وعادة تنكر جماعة الإخوان باليمن دورها في التعاون مع ميليشيا الحوثي نظراً لعدم تأثر وجودها بالحكومة الشرعية، على الرغم من تصريح محمد الحوثي زعيم الميليشيات في أكثر من مره بأن هناك تفاهمات بين كل أبناء اليمن يقصد الإخوان.
كما تنكر الجماعة محاولاتها المتواصلة في السيطرة على الوظائف الهامة في الدولة وكأنها دروب من الخيال، وليس واقع ملموس في مختلف مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية.
النفوذ العميق للإخوان المدعومين من قبل قطر لم يحقق أهداف الجماعة في الداخل فقط، بل استطاع إقناع صانع القرار الغربي بالتمهل، وعدم التحرك سياسياً ضد الحوثيين.
وعملت قطر على بناء دولة عميقة داخل الشرعية في اليمن، ومنحت الإخوان في الحكومة الشرعية تسهيلات خاصة وخدمات كبيرة، بدءاً بقائد الجناح العسكري للإخوان في اليمن علي محسن الأحمر، ومروراً بقيادات حزب الإصلاح اليمني.
ويتضح مما سبق أن حرب الإخوان على السلطة هي من أجل الحفاظ على المكتسبات التي تحصلت عليها كوادرها منذ ركوبهم ثورة الشباب عام2011 وحتى تسليمهم صنعاء لميليشيا الحوثي الانقلابية.