مسلسل الاغتيالات في عدن.. مازال الدم ينزف
رأي المشهد العربي
على الرغم من الجهود المضنية التي تبذلها قوات الأمن في عدن إلا أن يد الغدر تنشط من حين لآخر بالاغتيالات لتتسع قائمة الضحايا والأبرياء من أجل إظهار عدن للداخل والخارج على أنها منطقة لا يمكن العيش بها، وكذلك كضربات إرهابية لزعزعة ثقة السكان في قدرات الأمن.
وتحول شهر يوليو الماضي الذي يؤرخ لاندحار الحوثيين من مدينة عدن إلى عنوان للدم بعد أن طالت الاغتيالات 5 شخصيات اجتماعية ودعاة وضباط أمن كان آخرهم مدير استخبارات مطار عدن العقيد ناصر مقيريح والذي اغتالته يد الغدر عقب عودته من صلاة المغرب في حي أكتوبر بمديرية خور مكسر بعدن، كما تعرض أكثر من 5 قتلى آخرين استهدفوا جميعهم خلال الشهر المنصرم.
وبدأت الاغتيالات بالعلماء وأئمة المساجد الذين ظهروا في ذروة المعارك للدفاع عن عدن من الغزو الحوثي قبل 3 سنوات، ولم تكتف للجهات التي تدير معركة الاغتيالات بالدعاة وإنما اتجهوا للشخصيات الأمنية والعسكرية.
وتشير إحصائيات، إلى تنفيذ 20 عملية اغتيال ، قتل فيها 16 شخصا، ونجا منهم ثلاثة، وسُجّلت حالة اختطاف، من مطلع العام 2016 وحتى مطلع العام 2018، ويبعث هذا التسارع في العمليات، المخاوف من أن يكون هذا العام أكثر دموية من سابقيه.
ويبدو أن من مسلسل الاغتيالات مدبر من أطراف تدير حربا منظمة لزعزعة الأمن وتفخيخ العاصمة المؤقتة لضرب استقرارها، كما أنها تسعى حثيثة لتقديم عدن للعالم على أنها بؤرة عنف وغير صالحة للحياة.
وذكرت تقارير إعلامية أن قطر تسعى من خلال ما يسمى بتنظيم الحمدين لتشويه جهود التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن من خلال تنفيذ عمليات إرهابية بواسطة عملائها في الداخل من الجماعات الإرهابية.
ويظهر ذلك جليا من خطط قطر الشيطانية لعرقلة اجراءات فرض الأمن في المناطق المحررة بعاصمة الجنوب اليمني لبث الرعب في قلوب الناس، وذلك لزعزعة السكان في قدرات الأمن الذي تقوم عناصره بأدوار بطولية.
ولم تسلم دول التحالف وعلى رأسهم دولة الإمارات العربية المتحدة من الأكاذيب القطرية على لسان أبواقها الإعلامية وأذرعها المسلحة من أعضاء حزب الإصلاح الإخواني، وذلك بالتشكيك في جهود إعادة إعمار اليمن.
وقدمت دولة الإمارات الكثير من المساعدات للشعب اليمني الذي خسر الكثير من الانتهاكات وأعمال العنف والتدمير التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي والجماعات الإرهابية، التي خرقت بشكل فاضح القوانين والأعراف الدولية والقانون الدولي الإنساني، وعرقلت استئناف العملية السياسية وإنهاء الأزمة المستمرة منذ 2014.
ويعول اليمنيون على الجهود الإنسانية الجبارة التي يقوم بها التحالف العربي بقيادة السعودية ومشاركة الإمارات التي لم تستثن أي قطاع ومرفق حيوي من جهودها، كما وقعت اتفاقيات عدة مع منظمات دولية، وساهمت في برامج إنسانية عدة، بينها برنامج الأغذية العالمي.
يُذكر أن دولة الإمارات كانت قد قدمت 465 مليون دولار لدعم خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية في اليمن لعام 2018، فيما بلغ مجموع قيمة المساعدات الإماراتية المقدمة لليمن منذ أبريل 2015 حتى يونيو 2018 أكثر من 13.9 مليار درهم.
ويدرك كل منصف حقيقة الدعم الإماراتي لليمن والذي يتعامى عنها الإعلام الموجه المغرض الذي يتولى كبره الحوثيون وإيران وقطر والإخوان وأذنابهم، وقد غاظتهم الجهود المشرفة للإمارات في اليمن ما دفعهم إلى قلب الحقائق، وتشويه الوقائع، لخدمة أجنداتهم الخاصة.
وبالعودة للاغتيالات لم تكن هي الأزمة الوحيدة في عدن وهذا ما دفع ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، هاشتاج بعنوان (#انتفاضه شعبيه جنوبيه)، نتيحة للظروف السيئة التي تعيشها المحافظات المحررة، وفي مقدمتها العاصمة عدن .
شهدت العاصمة عدن، والمحافظات المحررة، احتجاجات شعبية، تطالب الحكومة بإيجاد حلول للأزمات التي تضرب مناطقهم منذ أشهر طويلة.
بدوره دعا الباحث السياسي هاني مسهور، وسائل الإعلام الدولية، والمحلية، تغطية الثورة الشعبية الجنوبية في تغريدة له قائلاً،: " تقوم القنوات الإخبارية بتغطية احتجاجات الشعب العراقي ضد فساد الحكومة نتمنى ربع التغطية لاحتجاجات الأهالي في العاصمة عدن المطالبين بحقوقهم الإنسانية من حكومة الفساد فرع اليمن " .
وقال القيادي في الحراك الجنوبي أحمد عمر بن فريد في تغريدة له على صفحته في تويتر : "حينما يموت الناس جوعا، ولا يجدون كهرباء أو ماء أو صحة، ويكون الحصول على السلع الضرورية مستحيل، وحينما يعم الفساد الأرض وتتحول الحكومة إلى مجموعة لصوص فلا يمكن أن يتغير هذا الوضع المعيب والمخجل إلا بـ (#انتفاضه شعبيه جنوبيه) فيها توضع النقاط على الحروف وينتهي العبث بمصير هذا الشعب".
وتزامنا مع سلسلة الاغتيالات والأزمات الاجتماعية يتعرض الريال اليمني لانيهار غير مسبوق أمام العملات الأجنبية يصاحبه ارتفاع جنوني في أسعار السلع الغذائية الأساسية لأسباب كثيرة على رأسها الحرب التي أطلقت مليشيا الحوثي الشرارة الأولى لها بعد انقلابهم على الشرعية.
ويحدث الانهيار الشديد في سعر العملة المحلية رغم أن البنك المركزي قال إنه سيعمل على إجراءات للحد من انهيار العملة، لكن حتى اليوم ما يزال تراجع الريال مستمراً.
وانعكس ارتفاع سعر الصرف في زيادة حادة في أسعار السلع الأساسية، حيث وصل كيس الدقيق إلى 10 آلاف ريال، فيما وصلت عبوة الحليب إلى 9500 ريال بينما كان سعرها السابق 4200، بالإضافة إلى السلع الأساسية الأخرى.
ويخشى السكان من أزمة إنسانية كبيرة، قد تعصف بالبلد المنهك الذي يواجه الحرب والجوع والأوبئة، فضلاً عن غلاء الأسعار، وانقطاع الرواتب لأكثر من مليون موظف منذ 20 شهراً.