بدون الجنوبيين.. هل سينهي جريفيث حرب اليمن ؟

الأربعاء 8 أغسطس 2018 21:41:00
بدون الجنوبيين.. هل سينهي جريفيث حرب اليمن ؟

 رأي المشهد العربي

مبادرة المبعوث الدولي مارتن غريفيث بتجديد المشاورات لحلحلة الأزمة في اليمن في جنيف في سبتمبر المقبل، بريئة وطيبة، لكن يبدو أن رجل الأمم المتحدة الثالث في اليمن، ليس لديه درأيه كافية بالمكونات اليمنية وخريطة الأزمة حتى يعمل على التشاور مع طرفين فقط دون المكون الجنوبي وهو شريك أساسي في حل الأزمة المتواصلة منذ أكثر من 3 سنوات.

بدأ البريطاني غريفيث عمله باليمن في فبراير من العام الجاري وسط تفاؤل كبير، خلفا للرجل ذو الخلفية الإنسانية إسماعيل ولد الشيخ أحمد، بخارطة طريق للتسوية السياسية تشمل جميع الأطراف وهم الشرعية وجماعة الحوثي الانقلابية وأبناء الجنوب وحزب المؤتمر دون إقصاء لأحد لإنهاء الحرب التي وصفها بالدموية وأيضاً لإنهاء معاناة الشعب اليمني.

وقُتل في الحرب اليمنية أكثر من 10 آلاف شخص، ووقع أكثر من 50 ألف جريح، وسط تعطل نصف المستشفيات بسبب الحوثيين، وأصبح أكثر من 3 ملايين شخص بلا مأوى- من بلدٍ تعداده حوالي 23 مليون نسمة -، ويعاني 8 ملايين شخص من الجوع الشديد، وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة.  

  لكن سرعان ما تحولت رؤية المبعوث الدولي لليمن للتسوية اليمنية من خلال جميع الأطراف لتستقر على طرفين فقط وهما جماعة الحوثي الانقلابية والشرعية التي اخترقها حزب الإصلاح الإخواني الذي يعمل وفقاً لأجندات خارجية مشبوهه.

فما قاله غريفيث فالبداية من عمل خارطة طريق لإيقاف الحرب وتضميد جروح الشعب اليمني التي تنزف على جميع المستويات وتحديد 4 مستويات كما ذكرنا للتفاوض معهم أعطى كثيرا من التفاؤل والنية الصادقة لحل الأزمة اليمنية، لكن بعد أن اغتالت المليشيات الحوثية في 4 ديسمبر 2017 بصنعاء الرئيس اليمني المخلوع على عبدالله صالح تفكك المؤتمر وبدأ هادى يضغط على أن يكون الحوار مع الشرعية كطرف أول وكطرف ثاني الحوثيون والذين لا يمتلكون أي رؤية لحل حقيقي مرتكز على مرجعيات الأمم المتحدة والمبادرة الخليجية وأهمها قرار٢٢١٦الذي يقضي بتسليمهم السلاح كاملا والانسحاب من المدن وأولها صنعاء وهو ما سيكتشفه جريفث ويكشفه للعالم قريبا.

 عموما هذا التحول في رؤية غريفيث من التسوية الشاملة للجزئية لم يأتي من فراغ وإنما جاء لإرضاء طرف على حساب الآخر، لإرضاء المليشيات الانقلابية التي ترفض وجود الجنوب، وكذلك لإرضاء الرئيس عبدربه منصور هادي والذي يرفض هو الآخر الحضور الجنوبي كطرف فاعل لحل القضية.

وتناسى هادي أنه هو السبب الرئيسي فيما وصل إليه اليمن من خراب وجحيم بعد تسليمه صنعاء للانقلابيين وهروبه إلى عدن ومنها إلى الرياض ولم يأتي إلا بعد أن حرر أبناء الجنوب عدن من سيطرة المليشيات، ليأتي اليوم ليرفض الاستماع لأبناء الجنوب.

وما يدعو للسخرية هو حديث غريفيث الذي أُملي عليه من هادي والحوثيين أن الجنوب ليس صوت واحد وبه خلافات متعددة، وهذا كلام عاري من الصحة، وما يؤكد أن أبناء الجنوب يد واحدة هو إصراراهم وتكاتفهم في معركة تحرير بلادهم من المليشيات الانقلابية، إذن هم قوة لا يستهان بها وشريك أساسي بل وفاعل في حل الأزمة.

رفض غريفيث وجود أبناء الجنوب الذين يسعون لإدارة أرضهم التي حرروها، لم يكن صريح، وراح يضم الجنوب والمرأة والمجتمع المدني لكي لا يكون الجنوب طرف أساسي وذلك من أجل تمييع القضية الجنوبية التي ضحى من أجلها الالاف من أبناء الجنوب.     

 ويخشى المبعوث الأممي أن يصل الجنوبيين لطاولة المشاورات فيطلبوا حق تقرير المصير، على الرغم من الحق الأصيل للجنوبين التفكير على الأقل في تقرير المصير أو إدارة أرضهم من خلال حكومتين وهو نظام ليس بجديد ومعمول به في الكثير من بلدان العالم.

 وكان غريفيث قام خلال الثلاثة الشهور الماضية بجولات مكوكية في دول المنطقة للقاء مختلف الأطراف اليمنية والإقليمية والدولية المعنية بالقضية اليمنية، في محاولة مستميتة منه لتقريب وجهات النظر حول ضرورة وقف الحرب في اليمن في أقرب وقت ممكن، استمع خلالها لوجهات نظر مختلف الأطراف حول طبيعة الحل السياسي في اليمن الذي يحقق سلاما عادلا ودائما ويضع حدا نهائيا لإمكانية اندلاع الحرب في اليمن مرة أخرى في المستقبل.

ونقلت تقارير صحفية عن مصادر أن المبعوث الأممي بدا بعقد لقاءات تمهيدية هذا اليوم في لندن بحضور الأطراف التي فرضت عليه من هادي والحوثي، بالإضافة إلى بعض الأشخاص الغير واضحة رؤيتهم للجنوب والتي إذا عرضت قضية الجنوب ستعرضها على خجل لأنها ليس لديها حجة وقوة في عرض القضية.   

 بيد فإن تقليص الأطراف المتشاورة لحل الأزمة لطرفين أمر غير منطقي، خاصة أن الجنوب لابد أن يكون طرف في الترتيبات الأمنية لإيقاف الحرب، خاصة أن أبناء الجنوب حرروا أرضهم في إطار الشرعية بشكل كامل بعكس الشمال لأن هناك أطراف في حزب الإصلاح لا تريد هزيمة الحوثي، ولذلك لن تضع الحرب أوزراها بدون الجنوب في مشاورات جنيف.

  ولابد أن يعلم غريفيث وغيره أن عملية استبعاد الجنوب من المشاورات ستعمل على وأدها قبل ولادتها، ويجب على المبعوث الدولي ألا يكون انتقائي وأن يتفاهم مع كل الأطراف لإيجاد حل حقيقي للأزمة وليست مسكنات وقتية سيزول مفعولها في أسرع وقت، خاصة أن شعب الجنوب لم يستسلم لصالح عندما كان في كامل قوته وجبروته وقاموا، فهل يعتقد غريفيث ورفاقه أن تعود العجلة إلى الوراء؟!