عن روايةطبق فقير للذاكرة

"يا نصف روحي- لا تصدق إنها لعبة أخرى حقيرة وحسب، والأيام بيننا"

بهذه العبارة أنهى الكاتب والمفكر والسياسي محمد علي شائف روايته الموسومة بـ"طبق فقيرة للذاكرة" وقد أثار من خلالها الكثير من علامات الاستفهام في خيال القارئ ، وسواء أدرك الأخير الإجابات، أو لم يدركها، فقد نجح الكاتب في توسعة فكر القارئ لكي يتفاعل مع الأحداث، دون انفعال، وهذه إحدى القواعد التي تبنتها الرواية.

الرواية التي تضمنت 230 صفحة تروي قصة صداقة مصهورة بذهب الوفاء، والمواقف النابعة من قيم وأخلاقيات ومبادئ أصيلة، وهي بطبيعة الحال تعكس سمات جيل عاش ذاك الزمن الذهبي.
كما أنها أي الرواية تقدّم طبقاً غنياً بفيتامينات الصدق ومشاعر النبل والحب والإخاء، فضلاً عن جرعة من المنبهات الفكرية والمعرفية التي تُحفّز الذاكرة الجمعية على اليقظة من غفلة الحاضر، والتعامل بحذر مع المستقبل، واستحضار الماضي كخبير يكشف الألغام المزروعة في الدرب.

بلسان فيلسوف، وفكر حكيم، وبلغة أديب وسياسي عاصر المجد وقاوم الهدّ يتحدث الكاتب عن حقبتين تاريخيتين أسمى الأول ما قبل الخطيئة، والثانية ما بعد الخطيئة، ويسرد من خلالهما أحداثاً بقالب قصصي حواري شيّق، وتدور أحداث الرواية بين صديقين، غير أنها إسقاط واسع على مختلف الأوضاع المعاشة ما بعد الخطيئة.

ومع أنّ الرواية تبدو في شكلها الخارجي كقصة إنسانية مفعمة بمشاعر الوفاء بين صديقين، إلا أنها عميقة الأبعاد لقصة شعب دمره الظلم إلى آخر حجر، وليس أكثر دماراً من نسف منظومة القيم.

عشت يومين مع الرواية، أتابع بشغف الأحداث، وعايشت صديقين في زمنين مختلفين، كما لو أنني ثالثهما، أرى الأماكن، وأسمع الأصوات، أحزن في صفحة وأضحك في آخرى، وغمرتني في الأخير نوبة نوستالجيا، أفقدتني بشكل كامل الإحساس بالزمكان، وهذا الأمر يعكس قدرة مذهلة لدى الكاتب في الوصول إلى وجدان القارئ.

أنصح بقراءة الرواية ففيها الكثير من الإبهار